للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له: أين أضع الثياب؟ فحينئذ يصير صاحب الحمام مودعاً، فيضمن ما يضمن المودع.

وإذا دخل رجل الحمام ودفع ثيابه إلى صاحب الحمام، واستأجره للحفظ واشترط عليه الضمان إذا تلف فضاع الثياب، كان الفقيه أبو بكر يقول: يضمن الحمامي إجماعاً. وكان يقول: الأجير المشترك إنما لا يضمن عند أبي حنيفة، إذا لم يشترط عليه الضمان. أما إذا شرط عليه الضمان يضمن، وكان الفقيه أبو جعفر يسوي بين شرط الضمان وعدم الشرط، وكان يقول: بعدم الضمان لأن شرط الضمان في الأمانة شرط مخالف لقضيه الشرع، فيكون باطلاً.

قال الفقيه أبو الليث: وبه نأخذ ونحن نفتي أيضاً بما قال الفقيه أبو الليث.

ونوع آخر في البقار والراعي والحارس

قال محمد رحمه الله في «الأصل» : وإذا استأجر الرجل راعياً يرعى معلوماً له مدة معلومة، بأجر معلوم، فهذا جائز، ويكون الراعي أجيراً مشتركاً؛ لأنه أوقع العقد على العمل لما ذكر العمل أولاً، إلا إذا قال: على أن لا ترعى غنم غيري مع غنمي، فحينئذ يصر أجير وحد. وقد مر هذا في أول هذا الفصل ولو كان استأجره مدة معلومة على أن يرعى غنماً معلوماً له بأجر معلوم، فهو جائز، ويكون أجير وحد لأنه أوقع العقد في حقه على المدة، لما ذكر المدة أولاً. إلا إذا قال: ويرعى غنم غيري مع غنمي، فحينئذ يكون أجير مشترك. ثم الراعي إذا كان أجير وحد وماتت من الأغنام واحدة، حتى لم يضمن لا ينقص من الأجر بحسابه، وذلك لأن الغنم لو ماتت كلها لا يسقط من الأجر شيء إذا سلم نفسه في المدة للرعي، وكان للآجر أن يمكنه رعي أغنام أجر؛ لأنه أجير وحد وأجير الوحد يستحق الأجر بتسليم نفسه في المدة، لا بحقيقة العمل فإذا ماتت شاة منها أولى أن لا يسقط من الأجر شيء.

ولو ضرب شاة منها ففقأ عينها أو كسر يدها ضمن؛ لأن أجير الوحد يضمن بالخلاف. وقد خالف لأنه ضرب والضرب غير داخل تحت الإجارة. إنما دخل كلها الرعي والرعي يتحقق بدون الضرب، وإذا لم يدخل الضرب تحت الإجارة صار الحال في حق الضرب، بعد الإجارة كالحال قبلها وقبل الإجارة لو ضرب شاة هذا، أو تلف من ضربه شيء ضمن، فكذلك هذا.

ولو هلك منها شيء في السقي أو الرعي لم يضمن؛ لأنه أجير وحد وأجير الوحد لا يضمن ما لم يخالف، ولم يخالف لأنه فعل ما أذن له في ذلك؛ لأن السقي داخل تحت العقد؛ لأن الرعي لا يتحقق بدونه، وإذا دخل تحت العقد لم يضمن ما هلك منها كأجير الوحد إذا دق فتخرق وهو مصدق فيما هلك منها لأنه أمين والقول قول الأمين مع اليمين هذا إذا كان الراعي أجير واحد.

فأما إذا كان أجير مشترك فإنه لا يضمن ما مات من الأغنام عندهم جميعاً؛ لأن الهلاك حصل من أمر لا يمكن التحرز عنه؛ لأن الموت حتف أنف مما لا يمكن التحرز

<<  <  ج: ص:  >  >>