للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثياب بأجرة وفارسيته دار فلا ضمان عليه فيما سرق، عند أبي حنيفة خلافاً لهما؛ لأنه أجير مشترك.

وفي «فتاوى الفضلي» : امرأة دخلت الحمام، فأعطت ثيابها إلى المرأة التي تمسك الثياب بأجر وفارسيتها جابة دار فلما خرجت لم تجد عندها ثوباً من ثيابها.

قال: إن كانت هذه المرأة قبل هذه المرة تدخل الحمام وتدفع ثيابها إلى هذه الممسكة، وتعطيها الأجر على حفظ ثيابها فلا ضمان عليها عند أبي حنيفة رحمه الله، خلافاً لهما، وإن كان هذا أول مرة دخلت هذه الحمام، ودفعت ثيابها إلى هذه الممسكة فلا ضمان عليها في قولهم جميعاً؛ لأنه إذا كان هذا أول مرة، ولم يدفع الأجر أولاً، شرط لها أجراً فهي مودعة لا أجيرة مشتركة. هكذا ذكر وعلى قياس ما ذكرنا عن محمد: أن كل عمل لا يعمل إلا بأجر، فالأجر به ثمن يرصد له ... ينبغي أن يكون الثانية أجيرة مشتركة عند محمد، حتى تضمن عنده والفتوى على قول أبي حنيفة: أن الثاني لا يضمن إلا بما يضمن المودع.

رجل دخل الحمام، وقال لصاحب الحمام: أين أضع الثياب؟ فأشار صاحب الحمام إلى موضع؟ فوضع ثمة ودخل الحمام، ثم خرج رجل وأخذ الثياب، فلم يمنعه صاحب الحمام؛ لأنه ظنه صاحب الثياب، ضمن صاحب الحمام؛ لأن هذا استحفاظ له، فصار مودعاً. وقد قصر في الحفظ فيصير ضامناً. وهذا قول ابن سلمة وابن نصر الدبوسي.

وكان أبو القاسم يقول: لا ضمان على صاحب الحمام. والأول: أصح. وهو نظير ما لو دخل رجل بدابته خاناً، وقال لصاحب الخان: أين أربطها؟ فقال: هناك، فربطها وخرج فلما رجع، لم يجد دابته، فقال صاحب الخان لصاحب الدابة: إن صاحبك قد أخرج الدابة ليسقيها ولم يكن له صاحب، ضمن صاحب الخان؛ لأن قوله: أين أربطها؟ استحفاظ لصاحب الخان، فإذا أشار إلى موضع الربط (٥٢ب٤) فقد أجابه إلى الحفظ، فصار مودعاً. وقد قصر في الحفظ فصار ضامناً كذا ههنا. رجل دخل الحمام ونزع الثياب من يدي صاحب الحمام، ولم يقل بلسانه شيئاً فدخل الحمام ثم خرج، ولم يجد ثيابه، فالمسألة على وجهين:

إن لم يكن للحمام ثيابي يضمن صاحب الحمام ما يضمن المودع بأن وضع الثوب برأي عين صاحب الحمام ما يضمن المودع؛ لأن وضع الثوب برأي عين صاحب الحمام، إذا لم يكن ثيابي استحفاظ له.

وإن كان للحمام ثيابي إلا أنه لم يكن حاضراً، فكذلك الجواب أيضاً. وإن كان حاضراً لا يضمن صاحب الحمام؛ لأن هذا استحفاظ للثيابي دلالة دون صاحب الحمام، فلا يضمن صاحب الحمام إلا إذا صاحبه الثياب على استحفاظ صاحب الحمام، بأن قال

<<  <  ج: ص:  >  >>