للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان الآجر أجير الأول فلا ضمان على واحد منهما، وإن لم يكن أجير الأول وكان أجنبياً ضمن الأول بلا خلاف، ولا يضمن الآجر في قول أبي حنيفة خلافاً له. وهو نظير المودع إذا أودع الوديعة من أجنبي بغير إذن المالك.

وفي «القدوري» : ومن استأجر على عمل فله أن يعمل بنفسه وأجرائه إلا إذا شرط عليه العمل بنفسه فعلى ما ذكر القدوري: إذا كان الآجر أجيراً للأول، إنما لا يضمن الأول بالرفع إليه إذا لم يشترط على الأول عمله بنفسه. أما إذا شرط عليه العمل بنفسه يضمن بالرفع إلى الآجر. وإن كان الأجير أجيراً للأول.

وفي فتاوى أهل سمرقند: نساج ترك كرباس رجل في بيت الطراز فسرق ليلاً، فإن كان بيت الطراز حصيناً يمسك الثياب في مثله لا يضمن، وإن لم يكن حصيناً ولا يمسك الثياب في مثله، إن رضي صاحب الكرباس فيه فلا ضمان، وإلا فهو ضامن.

وفي «فتاوى أبي الليث» رحمه الله: دفع إلى نساج كرباساً بعضه منسوج وبعضه غير منسوج، فسرق من عنده. فعلى قول من يقول: بأن الأجير المشترك يضمن ما هلك على يده من غير صنعه، يضمن النساج كل الثوب؛ لأن المنسوج مع غير المنسوج كشيء واحد لاتصاله به، وكذا نسج الباقي يزيد في قيمة المنسوج، فكان أجيراً مشتركاً في الكل.

وفي هذا الموضع أيضاً: إذا دفع إلى خياط كرباساً فخاطه قميصاً، وبقي منه قطعة فسرقت القطعة فهو ضامن. وكذا لو دفع صرمياً إلى إسكاف ففضل عنه شيء، فسرق منه لأنه أثبت يده على مال الغير بغير إذنه؛ لأن المالك إنما سلم إليه للقطع لا غير. فإذا قطع يجب عليه رد الزيادة.

وذكر الحاكم في «المنتقى» إذا دفع إلى خياط ثوباً، وقال: اقطعه حتى يصيب القدم، وكمه خمسة أشبار وعرضه كذا، فجاء به ناقصاً كان قدر أصبع ونحوه، فليس بشيء، وإن كان أكثر منه فله أن يضمنه، وكثير من مسائل الخياط مرت في الفصل السابع والعشرين.

نوع آخر في المسائل العائدة إلى الحمام

قد ذكرنا بعض المسائل العائدة إلى الحمام في فصل إجارة الحمام. ومن جملة ما لم نذكر ثمة رجل دخل الحمام، وقال لصاحب الحمام: احفظ الثياب، فلما خرج لم يجد ثيابه، فإن أقر صاحب الحمام أن غيره رفعه وهو يراه، ويظن أنه يرفع ثياب نفسه فهو ضامن؛ لأنه تارك الحفظ، حيث لم يمنع القاصد وهو يراه.

وإن سرق وهو لا يعلم به فلا ضمان عليه، إن لم يذهب من ذلك الموضع، ولم يضيعه. وهذا قول الكل؛ لأن صاحب الحمام مودع في حق الثياب، إذا لم يشترط له بازاء حفظه الثياب أجر.

فأما إذا شرط له بإزاء الحفظ أجر، ودفع الثياب إلى الثاني: وهو الذي يحفظ

<<  <  ج: ص:  >  >>