بنفسه من حيث الحكم، ولو عمل الإستاد بنفسه حقيقة كان عليه الضمان كذا هاهنا.
وإذا وطىء ثوباً فتخرقه إن كان ثوباً يوطأ مثله فلا ضمان عليه بذلك؛ لأنه مأذون فيه من جهة الإستاد دلالة، وإن كان ثوباً لا يوطأ مثله، فإنه يضمن سواء كان الثوب ثوب القصارة أو لم يكن، لأنه غير مأذون لوطىء ما لا يوطأ مثله من جهة الإستاد، وهذا بخلاف ما لو حمل شيئاً في بيت القصار بإذن الإستاد فسقط على ثوب فتخرق، إن كان من ثياب القصارة لا يضمن الأجير فإنما يضمن الإستاد وإن لم يكن من ثياب القصارة ضمن الأجير، وفي الوطىء يضمن في الحالين إذا كان مما لا يوطأ مثله.
وجه الفرق بينهما: أن الوطىء غير مأذون فيه من جهة الإستاد لا نصاً ولا دلالة، أما نصاً فلأنه ليس من أعمال القصارة، ودلالة فلأنه إذا كان الثوب رقيقاً لا يوطأ مثله فالثابت بدلالة الحال النهي عن وطئه لا الإذن بوطئه، فأما الحمل من أعمال القصارة وأسبابها، فإذا سقط على ثوب القصارة فالفساد حصل من عمل القصارة في ثوب القصارة، والأجير مأمور بأعمال القصارة في ثياب القصارة، فيصير عمله منقولاً إلى الإستاد فلا يضمن الأجير، ويضمن الإستاد، كما لو دق فتخرق.
وإن وقع على ما ليس من ثوب القصارة، فالفساد حصل من عمل غير مأذون فيه؛ لأنه إنما أذن فيه بالقصارة، فيما كان من ثياب القصارة، لا فيما ليس من ثياب القصارة، وليس بأجير فيما لم يكن من ثياب القصارة، وإذا هذا تحت الإذن كان هو والأجنبي في ذلك سواء، وكذلك لو دخل بنار أو سراج بأمر القصار فوقعت شرارة فأحرقته، إن كان من ثياب القصارة فلا ضمان على الأجير وإنما الضمان على الإستاد (٥٥أ٤) وإن لم يكن من ثياب القصارة ضمن الأجير، أما ما كان من ثياب القصارة لا يضمن الأجير؛ لأنه أجير فيما كان من ثياب القصارة بالقصارة، وهذا من أسبابه فما تولد منه يكون ضمان ذلك على الإسناد لا على الأجير، كما لو دق فتخرق.
ويضمن ما ليس من ثياب القصارة؛ لأنه ليس بأجير فما ليس من ثياب القصارة، فيكون الأجير والأجنبي في ذلك سواء. وكذلك إذا استأجر رجلاً ليخدمه، فوقع شيء من يده من متاع البيت، وسقط على شيءٍ من متاع البيت، فأفسده فإنه لاضمان عليه؛ لأنه أجير في حق الواقع، والوقع عليه؛ لأنه استؤجر للخدمة، وإنما يستأجر للخدمة ليرفع متاع البيت ويضع، فيكون بمنزلة أجير القصار إذا دق فتخرق ثوباً من ثياب القصارة، بخلاف ما لو سقط على وديعة كان عند صاحب البيت فأفسد، كان الضمان على الخادم؛ لأنه ليس بأجير فيما كان عنده من الوديعة، فيكون هو والأجنبي سواء. وكان بمنزلة أجير القصار إذا سقط من يده شيء فوقع على ثوب ليس من ثياب القصار فأفسده. ولو كان كذلك يضمن فكذلك هذا.
وهذا بخلاف المودع إذا سقط من يده شيء فوقع على الوديعة فأفسدها يضمن، وههنا قال: لا يضمن، وذلك لأن المودع مأمور بالحفظ والإمساك في الوديعة غير مأمور بالتصرف فيها، فإذا سقط من يده عليها شيء كان ضامناً؛ لأنه لم يتولد هذا من الحفظ،