للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للأجير لأن للأجير عين، وهو الأجرة، ولرب الثوب منفعة، والعين خير من المنفعة، فكان منفعة الأجير أكثر فكان الرد عليه وهذا بخلاف ما لو أجر عبداً أو دابة، وفرغ المستأجر، فإنه يجب الرد على صاحب الدابة؛ لأن ثمة للأجير عين، وللمستأجر منفعة، فكانت منفعة الأجير أكثر، فكان الرد عليه.

نوع آخر

النحاس أجير مشترك؛ لأنه يبيع للناس ويشتري لهم بأجر، حتى لو ضاع جارية أو غلام عنه لا بصنعه لا يضمن عند أبي حنيفة. وكذلك تم بأن أجير مشترك؛ لأنه يحفظ مال الناس بأجر فمتى ضاع شيء لا يصنعه، كان وجوب الضمان عليه خلافاً بين أبي حنيفة وصاحبيه. وكذلك الدلال أجير مشترك فلو دفع الدلال الثوب إلى رجل ليراه، ويشتري فذهب بالثوب ولم يظفر به، فلا ضمان على الدلال؛ لأن هذا أمر لابدّ منه في البيع، ولو كان في يد الدلال ثوب فقال له رجل: هذا مالي سرق مني، فدفع الدلال ذلك إلى من أعطاه فلا ضمان عليه؛ لأن أكثر ما فيه أن الدلال غاصب، إلا أنه قد رده على الغاصب، وغاصب الغاصب يبرأ بالرد على الغاصب.

نوع آخر

إذا دفع إلى قصار ثوباً، فلما سلمه القصار إليه قال: ليس هذا ثوبي قال محمد: القول قول القصار مع يمينه، في قول من يضمن القصار، وفي قول من لا يضمنه، ولكن لا يصدق في الأجر ولا أجر عليه، وإنما كان القول قول القصار؛ لأنه إن اعتبر ضميناً، فالقول قول الضمين في مثل هذا، كالغاصب يقول هذا الذي غصبه، وإن اعتبر أميناً فكذلك كالمودع إذا قال: هذا هو الذي أودعني، إلا أنه لا يستحق الأجر، لأن الضمين والأمين إنما لا يصدقان في حق دفع الضمان عن أنفسهما، أما في إيجاب الضمان على غيرهما، فلا لأن المدعي في ذلك الأجير، والمنكر هو المستأجر؛ لأن الأجرة لا تملك بنفس العقد، إنما تجب باستيفاء المنفعة المعقود عليها، ولم يعلم استيفاؤها.

وفي «فتاوى الفضلي» : استأجر حمالاً ليحمل له حمولة إلى بلد كذا، ويسلمها إلى السمسار، فحملها فقال السمسار للحمال: إن وزن الحمولة في الغار ما صح كذا قد نقصت في الوزن، فإنما لا أعطيك من الأجر بحساب ما نقص، ثم اختلفا بعد ذلك، فقال السمسار: أوفيتك الأجر، وكذبه الحمال فالقول للحمال، ولا خصومة لكل واحد منهما قبل صاحبه؛ لأنه لا شغل بينهما، إنما الخصومة بين الحمال وبين صاحب الحمل.

وفي «العيون» عن محمد: فيمن دفع إلى ملاح أكرار حنطة فحمل كل كر بكذا، فلما بلغا موضع الشرط، قال رب الطعام: نقص طعامي. وقد كان كاله على الملاح. وقال الملاح: لم ينقص فالقول لصاحب الطعام. ويقال للملاح: كله حتى يأخذ منه من كل كر مقدار ما سمي ولو طلب ضمان الملاح، وقد كان دفع إليه أجره، فالقول للملاح أن الطعام وافر ويقال لصاحب الطعام: كله حتى يضمنه ما نقص من طعامك؛ لأن في

<<  <  ج: ص:  >  >>