الوجه الأول الملاح يدعي زيادة الأجر، وصاحب الطعام منكر لما ذكرنا، أن الأجرة إنما تجب بالعمل لا بنفس العقد.
وفي الوجه الثاني صاحب الطعام يدعي وجوب رد شيء من الأجر بحسابه، والملاح ينكر، ثم قال هاهنا: يقال لصاحب الطعام: كله، حتى تضمنه ما نقص من طعامك، فيحتمل أن يكون المراد به حتى يسترده من الأجر بقدر ما نقص من طعامك ويحتمل أنه أراد به تضمين ما انتقص من الطعام كما هو ظاهر اللفظ، فإن كان المراد به الأول فهو ظاهر على قول الكل وإن كان المراد به الثاني فهذا على قول محمد خاصة، أو على قوله وقول أبي يوسف على ما ذكرنا، فيما إذا قال الأجير المشترك: قد رددت. أما على قول أبي حنيفة ليس لصاحب الطعام تضمين الملاح، إلا بجناية أو تقصير منه على ما ذكرنا غير مرّة. والفتوى على قوله.
وفي «النوازل» : ركب سفينة قال له صاحب السفينة: حملتك بدرهمين، فهات الدرهمين. وقال الراكب: بل استأجرتني لأحفظ السكان بدرهمين، فهات الدرهمين. وأقاما البينة، تقبل بينة الراكب؛ لأن صاحب السفينة حيث استأجره لحفظ السكان، فقد أذن له بأن يركب كذا ذكر ههنا.
وذكر بعد هذا: رجل ادعى على إجارتك استأجرتني لأمسك السكان في سفينتك، من ترمذ إلي آمل بعشرة دراهم، وادعى عليه رب السفينة أني حملتك في سفينتي من ترمذ إلى آمل بخمسة دراهم، فالقول لكل واحد منهما مع يمينه، والبداية بيميني أحدهما ليست بأولى من البداية بيمين الآخر، لاستواء حالهما في الدعوى والإنكار، فللقاضي أن يبدأ بأحدهما، وإن أقرع نفياً للتهمة فحسن ولا أجر لكل واحد منهما على صاحبه.
وإن أقاما البيّنة، فالبينة بيّنة الملاح، وله على صاحب السفينة عشرة دراهم، ولا أجر لصاحب السفينة على الملاح؛ لأن الأمرين جميعاً لو كانا لكانت إجارة صاحب السفينة انتقضت؛ لأنه لا بد للملاح من كونه في السفينة.
ولو ادعى رجل على آخر أني أكريتك، بغلاً من ترمذ إلى بلخ بعشرة دراهم، وادعى عليه الأجر أنك استأجرتني لأبلغه إلى فلان ببلخ بخمسة دراهم، فالقول لكل واحد منهما مع يمينه، ولا أجر. وإن أقاما البينة، فبينة صاحب البغل أولى؛ لأن حفظ البغل واجب على غير صاحب البغل على تقدير ثبوت الأمرين، فلا تجوز الإجارة على ذلك تقدمت أو تأخرت، فلا يجب الأجر.
وفي «النوازل» : أجر داره سنة، فلما انقضت السنة أخذ الدار وكنسها وسكنها، فقال المستأجر: كان لي فيها دراهم فكنستها وألقيتها، فإن صدقه رب الدار في ذلك ضمن وإن أنكر فالقول (٥٦آ٤) قوله مع يمينه؛ لأن المستأجر يدعي عليه ضماناً، وهو ينكر.
نوع آخر
إذا دفع غزلاً إلى نساج لينسجه، أو دفع ثوباً إلى قصار ليقصره، أو إلى صباغ