البطانة والنعل، فهو جائز استحساناً. والقياس أن لا يجوز.
ووجه القياس في ذلك أن هذا إجارة شرط فيها شراء، فتفسد. كما لو أستأجر داراً، وشرط فيها شراء، ولأنه صار مشترياً ما ليس عنده لا على وجه السلم، وشراء ما ليس عند الإنسان لا يجوز إلا سلماً، وكان بمنزلة ما لو دفع ثوباً إلى خياط ليخيط له جبّة على أن يحشو وسطه من عنده بأجر مسمّى، فإنه لا يجوز لما ذكرنا، فكذلك هذا.
ذكر محمد مسألة الجبة في الأصل على هذا الوجه، إلا أنه ترك هذا القياس في باب الخفّ للتعامل، ولا تعامل في فصل الخياط، فيرد فصل الخياط إلى ما يقتضيه القياس.
وفي «المنتقى» : إبراهيم عن محمد: رجل دفع إلى خياط ظهارة، وقال: بطنها لي من عندك فهو جائز، وقاسه على ما إذا اشترى خفاً، وقال للبائع: انعله بنعل من عندك، فصار في المسألة روايتان.
ولو دفع إليه بطانة. وقال: ظهرها لي من عندك فهو فاسد باتفاق الروايات، ثم إن محمداً رحمه الله جوز هذا التصّرف، وإن لم ير صاحب الجلد النعل والبطانة وصرفه إلى نعل وبطانة يليق بتلك الخف، وكذا إذا أمر الرجل إسكافاً أن يحرر على خفيه ومكعبيه أربع قطع من هرم بكذا، ولم ير الرجل القطع فهو جائز استحساناً (٥٩ب٤) وكذا ترقيع الخرق في الخفاف يجوز من غير أن يرى الإسكاف الرقاع.
وفي نوادر ابن سماعة: شرط الإراءة في النعل. وهكذا ذكر في القطع الأربع، وهكذا في ترقيع الخرق، فإذا في الخف نعل وفي النعل يخصف روايتان، وإذا جازت هذه الإجارة استحساناً، فإذا عمل الإسكاف وأتى به إن كان عمله متعارفاً صالحاً لا فساد فيه أجبر صاحب الجلد على القبول، ولم يكن له خيار، فقد اعتبر المقارنة للزوم لا حقيقة الموافقة من كل وجه، بين المسمّى في الذمة، وبين ما عين الأجير غير ممكن؛ لأنه لا بد من أدنى تفاوت يقع بين الموصوف في الذمة وبين العين، فسقط اعتبار الموافقة من كل وجه للزوم، وقامت المقارنة مقام الموافقة من كل وجه كما في السلم، لا يشترط الموافقة بين المسمّى في الذمة وبين العين للزوم، وإنما يشترط المقارنة؛ لأن الموافقة من كل وجه غير ممكن، فكذلك هذا وليس لصاحب الجلد خيار الرؤية لا في حق العمل ولا في حق النعل في حق العمل لا إشكال؛ لأن العمل كان واجباً في ذمة الأجير، وما ثبت في الذمة لا يثبت فيه خيار الرؤية، كما في السلم، ولا يثبت في حق النعل، وإن صار مشترياً للنعل لا على وجه السلم لوجهين:
أحدهما: أن شراء النعل إنما جاز تبعاً للإجارة، فإنه مشروط في الإجارة، فيكون تبعاً له وحكم البيع لا يفارق حكم البيوع، فإذا لم يثبت في الإجارة خيار الرؤية لما ذكرنا، لم يثبت فيما صار تبعاً للإجارة.
والثاني: أن العمل بخيار الرؤية غير ممكن؛ لأن العمل بخيار الرؤية أن يرد ما اشترى إلا بزيادة ضرر يلحق أحدهما فإنه متى رد النعل وحده يحتاج فيه إلى نقص الصفة،