تلك الصناعة، فإن قالوا: قد يزيد الدقيق مثل هذا، فالقول قول صاحب الثوب مع يمينه؛ لأن الظاهر صار شاهداً لرب
المال، لما قال أهل تلك الصناعة. أن الدقيق يزيد هذا القدر، إلا أنه يجعل القول قوله مع اليمين؛ لأن الزيادة لم تثبت بيقين أنه من الدقيق. وإنما يثبت بنوع من الظاهر وإن قالوا: الدقيق لا يزيد هذا القدر صار الظاهر شاهداً للحائك، فيكون القول قوله لكن مع اليمين، لأنه لم تثبت بيقين الزيادة بسبب الغزل، وإنما تثبت بنوع من الظاهر، فجعل القول قوله مع اليمين.
قال: ولو أن رجلاً دفع سمسماً إلى رجل فقال أقشره وزنه ببنفسج واعصره على أن أعطيك أجرك درهماً، كان هذا فاسداً؛ لأنه أستأجره لعمل مجهول، لأنه أستأجره لتربية السمسم بالبنفسج، وقدر ما يربي بالسمسم من البنفسج مجهول قد يقل وقد يكثر، فيكون العمل مجهولاً، وجهالة العمل يوجب الفساد إلا أن يكون قدر ما يربى به مثل هذا السمسم من البنفسج معرفاً، فيما بين الناس فحينئذ يكون جائزاً، لأن المعروف كالمشروط كما في نقد البلد، فيكون العمل معلوماً وقد أستأجره لما يصلح أجراً فرق بين هذا وبينما إذا دفع ثوباً إلى صباغ ليصبغه بعصفره كانت الإجارة جائزة، وإن لم يتبين قدر العصفر، وهنا قال: لا تجوز الإجارة إذا لم يبين قدر البنفسج، ووجه الفرق بينهما من وجهين:
الأول: وهو قدر ما يصنع به مثل هذا الثوب من الصبغ معروف فيما بين الصباغين، بحيث لو زادوا على ذلك المقدار فسد الثوب، والمعروف كالمشروط. ولو كان قدر العصفر مشروطاً جازت الإجارة؛ لأن العمل معلوم، وهنا ليس لمثل هذا السمسم مقدار معروف من البنفسج بين أهل الصنعة، بحيث لا يزاد عليه، فإنه كلما ازداد البنفسج يزداد السمسم حراً، حتى لو كان معروفاً فيما بين التجار بحيث لا يزاد عليه جاز أيضاً لأن المعروف كالمشروط.
والثاني: أن المعروف والمتعامل فيما بين الصباغين أنهم يجمعون الثياب من الناس، ويصبغون الكل بدفعة واحدة في وعاء واحد، ولا يفردون ثوب كل واحد من الناس بالصبغ على حدة، فلو شرطنا لجواز هذا العقد بيان مقدار العصفر ولأنهما للصباغ الإمساك بذلك، إلا بعد أن يفرد كل ثوب بالصبغ على حدة ضاق الأمر عليهم، وما ضاق على الناس اتسع. حكمة هذا التعامل معدوم في تربية السمسم، لأنهم يفردون سمسم كل رجل على حدة في التربية، ولا يخلطون سمسم هذا بسمسم الآخر، ومتى خلطوا ضمنوا؛ لأنه يتهيأ لهم التمييز، فلو شرطنا بيان مقدار البنفسج لكل سمسم لا يؤدي إلى أن يضيق الأمر عليهم، فأخذنا في البنفسج بالقياس.
قال: وإذا دفع الرجل جلداً إلى الإسكاف، وأستأجره بأجر مسمى على أن يحرم به خفين وسمى له المقدار، والصفة على أن نعلة الإسكاف وسطية من عنده، ووصف له