للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به الخفاف في العرف والعادة، وإن شرط الجودة وأتى بما يطلق عليه اسم الجيد أجبر على القبول، ولا خيار له؛ لأن مطلق اسم الجيد ينصرف إلى ما ينطلق عليه اسم الجيد، لا إلى المتناهي في الجودة الذي لا يعدل في العرف والعادة، كما في السلم.

وإن لم يكن جيد يجبر لأنه خالف شروطه من حيث الشرط، ولو خالف مشروطه من حيث العرف يجبر على ما بينا، فإذا خالف مشروطه من حيث الشرط أولى أن يجبر.

قال: ولو اختلفا في قدر الأجر، بأن قال الإسكاف: شرط لي درهماً، وقال رب الخفّ: شرطت لك دانقين، وقد حرره على وصفه له، ولم يختلفا في ذلك وأقاما جميعاً البينة فالبينة بينة العامل؛ لأنه يثبت ببينته زيادة أجر، فكان أولى بالقبول. كما في البائع والمشتري إذا أقاما جميعاً البينة. ولم يذكر الجواب فيما إذا لم تقم لهما بينة. ويجب أن يحكم في ذلك قيمة النعل بخفه موجب معلوم مزايلاً، ويجعل القول قول من شهد له قيمة النعل كما في الصبغ؛ لأن لاتصال النعل بخفه موجب معلوم، لو جعل بغير عقد وهو قيمته مزايلاً لا يقع البراءة عنه إلا بالتسمية، فيجعل ذلك موجب العقد حالة الاختلاف في التسمية، كما في مسألة الصبغ. وكما في النكاح على قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله إذا اختلفا في مقدار المسمى، فإن كانت قيمة النعل درهماً كما يدعيه الإسكاف، فالقول قوله مع اليمين لأن قيمة النعل تجعل موجب العقد حال اختلافهما في مقدار البدل، كأنهما اتفقا على أن العقد عقد به إلا أن ربّ الخف ادعى أنه حط عنه أربعة دوانق، وأنكر الإسكاف فيكون القول قول الإسكاف مع يمينه.

ولو كانت قيمة النعل يشهد لصاحب الخف بأن كان دانقين، كما يدعيه صاحب الخف جعل القول قوله مع يمينه؛ لأن قيمة النعل يجعل موجب العقد حال اختلافهما في مقدار البدل، كأنهما اتفقا أن العقد عقد به، إلا أن الإسكاف ادعى أنه زاد أربعة دوانق، ولما حلف صاحب الخف لم تثبت الزيادة، فيقضى له بدانقين ولا يتحالفان. وإن كان المبيع قائماً عندهم جميعاً لأنهما لم يختلفا في موجب العقد، إنما اختلفا فيما يغير موجب العقد، إما إلى زيادة أو إلى نقصان. والاختلاف متى وقع فيما يغير موجب العقد بعدما ثبت الموجب، فإنه لا يجب التحالف إذا لم توجد الدعوى، والإنكار من الجانبين. كما في بيع العين إذا تصادقا أن الثمن كان ألفاً، إلا أن البائع ادعى زيادة خمس مئة على الألف، وأنكر المشتري، أو ادعى المشتري براءة خمس مئة. وأنكر البائع لا يجب التحالف عندهم جميعاً، فكذلك هذا.

وإن كانت قيمة النعل لا تشهد لأحدهما بأن كان نصف درهم، فإنه يحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه، كما ذكر في فصل الصبغ في بعض روايات هذا الكتاب. وذلك لما ذكرنا أن قيمة النعل تجعل موجب العقد حال اختلافهما في مقدار البدل، كأنهما اتفقا أن العقد عقد به إلا أنهما اختلفا فيما يغير موجب العقد.

ادعى الإسكاف أن رب الخف زاده على هذا الموجب نصف درهم، وانكر رب الخف وادعى صاحب الخف براءة دانق، وأنكر الإسكاف ذلك، فجعل كل واحد مدعياً

<<  <  ج: ص:  >  >>