للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومدعى عليه، فيحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه، بخلاف ما إذا كانت قيمة النعل تشهد لأحدهما؛ لأنّ من يشهد له قيمة النعل لا يدعي نغيراً إنما يدعي الذي لا يشّهد له موجب العقد، إما إبراء أو زيادة، وإذا لم تتحقق الدعوى والإنكار من الجانبين لم يجب التحالف، هذا إذا اختلفا في مقدار الأجر، فأما إذا اختلفا في أصل الأجر، قال صاحب الخف: عملته لي بغير أجر. وقال الإسكاف: لا بل عملت لك بأجر ذكر أنه يحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه؛ لأن كل واحد منهما حصل مدعياً ومدعى عليه، أما صاحب الخف فلأنه مدعي على الإسكاف هبة العمل والنعل والإسكاف أنكر ذلك. والإسكاف يدعي بيع العمل والنعل وصاحب الخف أنكر ذلك فكل واحد منهما ادعى عقداً أنكره صاحبه، فيجب التحالف. وإن كان الفسخ متعذراً كما في بيع العين إذا اختلفا في نوع العقد لا في مقداره، ادعى أحدهما الهبة والآخر البيع والمال هالك، يجب التحالف لأن كل واحد منهما مدع ومدعى عليه، فكذلك هذا فإن حلفا ولم يثبت واحد من الأمرين، ذكر أن صاحب الخف يغرم قيمة ما زاد النعل فيه، وكان يجب أن يضمن قيمة نعله مزايلاً؛ لأنهما لما تحالفا لم يثبت واحد من الأمرين، فيبقى عاملاً بغير عقد، وإلا يقال: متى حصل بغير عقد واختار المالك أخذ الخف فإنه يضمن قيمة النعل مزايلاً إلا أن الجواب أن الأمر كما قلت لم يثبت واحد من الأمرين إلا أن الإذن لم ينتف، لأنهما مع اختلافهما في كيفية العقد أنه كان هبة أو بيعاً انتفاء على الإذن. وإذا كان الإنعال (٦٠ب٤) حاصلاً بإذن يعذر القول بأنه يعطيه قيمة النعل مزايلاً؛ لأن هذا حكم الغاصب، وهذا كان مأذوناً في العمل، ولم يكن غاصباً، فأوجب قيمة ما زاد النعل فيه، وهو من حيث الحكم قيمته مزايلاً، ولا يكون شيء منه بدل العمل ألا

ترى في مسألة الصبغ أوجب قيمة ما زاد الصبغ فيه إذا كان غاصباً، وأنه قيمة الصبغ لا غير؛ لأنه لا قيمة للعمل بغير عقد ولكن لما تعذر إيجاب قيمة الصبغ مزايلاً حال ما يتصل بالثوب، أوجب قيمة ما زاد الصبغ فيه، وجعله قيمة الصبغ لا قيمة العمل، فكذلك ههنا أوجب قيمة ما زاد النعل فيه، وهو قيمة النعل لا قيمة العمل ضرورة أن لا يصير المأذون في العمل غاصباً، ولم يخير صاحب الخف ههنا مثل ما كان يخير فيما مضى لأن فيما مضى كان العامل مخالفاً من وجه موافقاً من وجه، وكان له أن يميل إلى الخلاف وإلى الوفاق، وههنا موافق من كل وجه، إلا أن الخلاف وقع أنه بأجر أو بغير أجر، وإذا لم يكن مخالفاً لم يخير، ولكن قال: يأخذ الخف ويعطيه قيمة النعل، وكان الجواب فيه كالجواب في الثوب، إذا هبت به الريح وألقته في صبغ إنسان، والصبغ لا يكون لصاحب الثوب تضمين الثوب، بل يأخذ الثوب ويعطيه قيمة ما زاد الصبغ فيه، فكذلك هذا.

قال: ولو عمل الخف كله من عند حتى كان استصناعاً، ثم اختلفا قبل القبض في مقدار الأجر كان القول قول الإسكاف، وكان يجب أن يتحالفا؛ لأن الاستصناع يصير بيعاً في الانتهاء وفي بيع العين إذا اختلفا في مقدار الثمن قبل القبض يتحالفان قياساً، إلا أنه قال: لا يتحالفا، ن ويكون القول قول الإسكاف؛ لأن يمينه يفيد، لأن المستصبغ يدعي

<<  <  ج: ص:  >  >>