النائب في موضع آخر، ولا يمكنه الخيانة في ذلك الموضع، وربما يكون أقدر على إحضار الخصوم، وتتقيد الأحكام في ذلك الموضع، فعلى هذا لو قلد القاضي أنابه نائبه بمسجد معين لا يكون للنائب أن يقضي في مسجد آخر، وإذا استقضى الصبي، ثم أدرك ليس له أن يقضي بذلك الأمر. في باب الجمعة من صلاة «المنتقى» ، رواه إبراهيم عن محمد رحمه الله. والعبد إذا استقضى ثم أعتق كان له أن يقضي بذلك الأمر.
والفرق أن العبد أهل حقيقة فيصح تقليده إلا أنه لم يجز حكمه لقيام الرق، فإذا زال الرق بالعتق فقد زال المانع من نفاذ حكمه، فنفذ حكمه من غير تقليد جديد ولا كذلك الصبي، وسيأتي فصل العبد بخلاف هذا في فصل التحكيم إن شاء الله تعالى وفي «فتاوي المنتقى» : سئل عن سلطان مات، واتفقت الرعية على ابن صغير له جعلوه سلطاناً ما حال القضاء والخطباء وتقليده أيامهم، مع عدم ولايته قال ينبغي أن يكون الاتفاق على والي عظيم فيصير سلطاناً لهم، ويكون السلطان في الحقيقة هو الوالي.
وفي «نوادر هشام» : عن محمد رحمه الله في قاضٍ أو والٍ ارتد عن الإسلام والعياذ بالله، أو عمي، أو فسق، ثم مات أو أبصر أو أسلم، فهو على عمله، وهكذا روى داوود بن رشيد عن محمد رحمه الله، وفي رواية هشام زيادة وهي وإن كان قضى بقضاء في حال فسقه، ثم صلح أبطلته، قال هشام: قلت لمحمد: والي من ولاة المسلمين ولى قاضياً مشركاً يقضي بين المسلمين ثم أسلم، قال: هو قاض على حاله ولا يحتاج إلي توليه ثانية.
وروى هشام عن محمد رحمه الله: النصراني إذا استقضي ثم أسلم لم يجز حكمه.
في «كتاب الأقضية» في باب الحكمين: القاضي إذا ارتد عن الإسلام خرج عن الحكومة، وعن الحسن بن زياد عن أبي حنيفة رحمه الله: لا ينبغي أن يستقضي فاسق ولا مرتشٍ، ولا آكل ربا ولا ينبغي أن يستقضى شارب خمر معاود للشرب ولا صاحب مغنيات، ولا يستقضى ذمي من أهل الذمة، ولا تستقضى المرأة على حال فإن كان ما ذكر في حق المرأة جواب الحكم لا جواب الأولوية، فهذه الرواية مخالفة لظاهر الرواية، وستأتي مسألة المرأة بعد هذا إن شاء الله تعالى.
وإذا أقر السلطان غلاماً من غلمانه على بلده، وأمره نصب القاضي جاز له نصب القاضي بطريق النيابة من السلطان، ويصير نصب الغلام بأمر السلطان كنصب السلطان بنفسه، وإذا قال الخليفة لوالي بلدة (مذكراً في ما بدت قضاء تقليدكن وعن مئة قلد من شئت صح، ولو قال كسرى قضاء تقليدكن وعرهية قلد أحداً لا يصح) .
وهو نظير الموكل إذا قال للوكيل وكل من شئت صح، ولو قال: وكل أحداً لا يصح وإذا قال السلطان لأمير من أمرائه فلان ولاية بنود آدم أو قال تراد آدم لا يملك تقلد القضاء لأنه لا يراد بمثل هذا الكلام في المتعارف تفويض الأمور الشرعية، وإنما يراد به