تفويض الأمور الحسية وتخليص أموال تلك البلدة من الجنايات وغير ذلك، وإن جعله أميراً على بلدة وجعل خراجها له فأطلق له التصرف في الشرعية على العموم كما تقتضيه الإمارة، فله أن يقلده وأن يعزل لأنه لما فوض إليه أمور هذه البلدة مطلقاً، أو على الأمور فقد قام مقام السلطان فكان له أن يقلد، وأن يعزل كالسلطان وههنا دقيقة مروية عن أبي يوسف رحمه الله تأتي في الفصل الذي يلي هذا الفصل.
وإذا قال السلطان لرجل: جعلتك قاضياً ولم يعين بلدة وللسلطان بلاد كثيرة لا شك أنه لا يصير قاضياً على البلاد كلها وهل يصير قاضياً على البلدة التي هو فيها؟ فقد قيل لا يصير وقيل يصير وهو الأظهر والأشبه.
وإذا اجتمع أهل بلدة على رجل وجعلوه قاضياً يقضي فيما بينهم لا يصير قاضياً، ولو اجتمعوا على رجل وعقدوا معه عقد السلطنة أو عقد الخلافة يصر خليفة وسلطاناً.
وإذا قلد السلطان رجلاً قضاء بلدة واستثنى من ذلك خصومة رجل بعينه لو استثنى نوعاً من أنواع الخصوم صح التقليد والاستثناء ولا يصير قاضياً في المستثنى وهذا لأن التقليد إنابة فإنما يثبت بقدر ما أناب، وعلى هذا إذا قال السلطان للقاضي لا تسمع خصومة فلان حتى أرجع من سفري، لا يجوز للقاضي أن يسمع خصومته قبل رجوع السلطان عن السفر ولو سمع وقضى لا ينفذ قضاؤه، لأنه أخرج خصومة فلان عن ولايته في الانتهاء فيعتبر بما لو أخرجها في الابتداء بالاستثناء، وذلك صحيح فهاهنا كذلك.
السلطان إذا قال لرجل جعلتك قاضياً فليس له أن يستخلف إلا إذا أذن له بذلك صريحاً، ولو قال له جعلتك قاضي القضاة فله أن يستخلف، وإن لم يأذن له بذلك صريحاً لأن قاضي القضاة هو الذي يتصرف في القضاء عزلاً وتقليداً.
وكان القاضي الإمام شمس الإسلام الأوزجندي يقول إذا كتب السجل من الحاكم ينبغي أن يكتب فيه خليفة الحاكم، من قبل فلان وفلان مأذون بالاستخلاف بحكم المثال الصحيح من جهة فلان.
إذا قال السلطان لرجل جعلتك نائبي في القضاء بشرط أن لا ترتشي ولا تشرب الخمر ولا تميل أمر أحد على خلاف الشرع فالتقليد صحيح والشرط صحيح، وإذا فعل شيئاً من ذلك لا يبقى قاضياً لأن تقدير هذا الكلام أنت نائبي ما دمت لا تشرب ولا ترتشي ولا تميل أمر أحد على مخالفة الشرع، فهذا تقليد مؤقت معنى، ومثل هذا التقليد صحيح، فإذا وجد الوقت ينتهي التقليد.
السلطان إذا قال: قلدت قضاء بلدة كذا زيداً، أو عمرواً لا يصح؛ لأن هذا تقليد للمجهول المرأة فيما تصلح شاهدة تصلح قاضية، لأن القضاء من باب الولاء كالشهادة ذكره الخصاف في «أدب القاضي» في باب القاضي يستخلف رجلاً وما يجوز له من ذلك.
إذا وقع القضاء، في حادثة بحق، فأمر السلطان القاضي أن يسمع تلك الحادثة ثانياً بحضرة فلان لا يفترض على القاضي ذلك، لأنه لا فائدة فيه.
أهل البغي إذا غلبوا على بلاد أهل العدل، فالقضاة قضاة على حالهم ما لم يعزلهم