القاضي إليهم، وتكلموا في الحد الفاصل بين الدعوة الخاصة والعامة، بعضهم قالوا: إن كان خمسة نفر أو ستة نفر إلى العشرة فهذه دعوة خاصة، وإن جاوز العشرة فهذه دعوة عامة، وحكي عن القاضي الإمام أبي علي النسفي رحمه الله أنه قال: الدعوة العامة دعوة عرس أو ختان وما سوى ذلك دعوى خاصة.
وهكذا ذكر القدوري في «شرحه» ، وحكي عن الشيخ الإمام الأجل شمس الأئمة السرخسي رحمه الله: أن صاحب الدعوة إن كان بحال لو علم أن القاضي لا يحضر لا يتخذ الدعوة، فهذه دعوة خاصة لا يجيبها، وإن كان الداعي بحال لو علم أن القاضي لا يحضر يتخذ الدعوة، فهذه دعوة عامة فيجيبها، ولم يفصل بين الدعوة الخاصة بين القريب وبين الأجنبي، وكذا لم يفصل بينما إذا كان بين القاضي وبين صاحب الدعوة مباسطة قبل القضاء وكان يتخذ الدعوة لأجله أو لم يكن، وذكر القدوري أن القاضي يجيب الدعوة الخاصة في المحرم. وهكذا ذكر شمس الأئمة الحلواني رحمه الله في «شرح أدب القاضي» .
وذكر الطحاوي في «مختصره» ، أن على قول أبي حنيفة وأبي يوسف لا يجيب الدعوة الخاصة من القريب، وعلى قول محمد رحمه الله يجيب، وذكر شيخ الأئمة السرخسي، وشيخ الإسلام رحمهما الله أن صاحب الدعوة إن كان ممن لا يتخذ الدعوة للقاضي قبل تقلده القضاء لا يجيب دعوته، القريب والأجنبي فيه سواء، لأن الظاهر أنما فعل ذلك لأجل القضاء خاصة، وإن كان ممن يتخذ الدعوى للقاضي قبل تقلده القضاء، فالقاضي يجيب دعوته، القريب والأجنبي في ذلك على السواء، لأنه لا يكون ذلك بسبب القضاء ظاهراً.
وقيل: صاحب الدعوة إذا كان يتخذ الدعوة قبل القضاء في شهر مرة، وبعد القضاء في كل أسبوع مرة، فالقاضي لا يجيب دعوته إلا في كل شهر مرة، وكذا إذا كان صاحب الدعوة زاد في المباحات بعد القضاء على ما قبل القضاء، فالقاضي يجيب الدعوة له، إلا أن يكون مال صاحب الدعوة قد ازداد فبقدر ما زاد من ماله ازداد في المباحات، فالقاضي يجيبه.
وهذا كله إذا لم يكن لصاحب الدعوة خصومة، فأما إذا كان لصاحب الدعوة خصومة لا يجيب دعوته، وإن كان بينهما قرابة أو مباسطة قبل القضاء، لأنه يصير آكلاً لقضائه معنى.
ومما يتصل بهذا الفصل فصل الرشوة
واعلم بأن الرشوة أنواع نوع منها أن يهدي الرجل إلى الرجل مالاً لإبقاء التودد والتحبّب، وهذا النوع حلال من جانب المهدي والمهدى إليه، قال عليه السلام:«تهادوا تحابوا» .