للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يده فأجرة الحداد، وثمن الدهن الذي يحسم به عروقه على السارق، لأنه تقدم منه سبب وجوبها وهو السرقة كذا هاهنا.

ثم إذا حضر المدعى عليه مجلس القاضي، فالقاضي يأمر المدعي بإعادة البينة على تمرده، لأنه يريد معاقبته، فلا بد من إثبات الجناية عليه، وتلك البينة قامت على الغائب، فلا يكتفي بها لعقوبته، فإذا أعاد البينة عاقبه على ما صنع من التمرد وإساءة الأدب، وكذلك لو كان المدعى عليه في الابتداء قال: أحضر، ثم لم يحضر، لأنه ظهر تمرده بفعله، إلا أنه يعاقبه في هذه الصورة دون ما يعاقبه في الصورة الأولى؛ لأن هذا انقاد قولاً لا فعلاً، والأول ما انقاد قولاً، ولا فعلاً.

ثم قال: ولا يشترط التعديل في هذه الشهادة يعني في الشهادة على التمرد، والمستور يكفي، وهذا قول الخصاف رحمه الله، وهكذا نقل عن إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة رحمهم الله.

وعن أبي حنيفة رحمه الله أنه يشترط التعديل، وهكذا روي عن محمد رحمه الله، ووجهه أن في هذه الشهادة إلزام العقوبة على المدعى عليه، فيشترط التعديل في الشهادة على سائر العقوبات.

ولو كان القاضي من الابتداء أمر المدعي أن يأخذ طينة الأمير لإحضار المدعي، فذلك جائز؛ لأن المقصود ربما لا يحصل بطينة القاضي، ويحصل بطينة الأمير؛ لأن للأمير من الحشمة ما ليس للقاضي، فكانت طينة الأمير أقرب إلى حصول المقصود.

وفي «الفتاوى» : أن من أراد أن يستوفي حقه من باب السلطان، ولا يذهب (إلى) باب القاضي فهو مطلق فيه شرعاً، ولكن لا يفتى به، وبعض مشايخ زماننا على أنه إنما يطلق له في ذلك إذا ذهب إلى القاضي أولاً، وعجز عن الاستيفاء من جهته، أما لو أراد الذهاب إلى باب السلطان أولاً لا يطلق له في ذلك، وبه يفتى، وإذا ذهب إلى باب السلطان، والتمس حوب داره لإحضار خصمه، وأخذ حوب دار من خصمه زيادة على الرسم، هل للخصم أن يرجع بالزيادة على المدعي؟ ينظر إن ذهب المدعي إلى القاضي أولاً، وعجز عن استيفاء حقه من جهة القاضي، لا يرجع الخصم بالزيادة على المدعي، وإن لم يذهب إلى القاضي أولاً يرجع.

وإذا كان المديون يسكن في دار بأجر، وطالبه الغريم بالخروج إلى باب الحاكم، فامتنع، فالقاضي هل يسمر الباب عليه؟ اختلف المشايخ فيه، والصحيح أنه يسمر.

في «فتاوي أبي الليث» في كتاب الشهادات، وفي «مجموع النوازل» إذا كان المديون يسكن في دار زوجته. (٧٢أ٤) وأبى الخروج إلى الحاكم، فالقاضي يسمر الباب عليه؛ لأن في هذا الباب العبرة للمساكنة، حتى لو ثبت عند القاضي أنه نقل الأمتعة عنها، ولم يبق ساكناً فيه لا يسمر الباب، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>