للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن قال: صدقوا فيما شهدوا به علي، أو قال: شهدوا علي بالحق، أو قال: الذي شهدوا به في هذه الشهادة حق، وفي هذه الوجوه الأربعة القاضي يقضي عليه بما شهدوا لأن بهذه الألفاظ إقرار منه بالمال، ويكون القضاء بالإقرار لا بالشهادة، وإن قال: هم عدول إلا أنهم أخطؤوا، أو قال: هم عدول، ولم يزد على هذا، فإن كان المشهود عليه عدلاً من أهل التعديل، فالقاضي يقضي بشهادتهما، عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله من غير أن يسأل من المزكي بناء على أن العدد في المزكي عندهما ليس بشرط، وعند محمد ما لم يسأل القاضي عن المزكي لا يقضي بشهادتهما.

بيانه أن العدد في المزكي شرط عنده، هكذا ذكر في «كتاب التزكية» وفي كتاب «الأقضية» في أوله وفي «أدب القاضي» للخصاف، في آخر باب المدعى عليه يعدل الشهود وفي «الرقيات» ، فعلى هذه الروايات اعتبر تعديل الشهود عليه تعديلاً، وذكر في «الجامع الصغير» وفي كتاب «الأقضية» قريباً من الثلث الأول، وفي «أدب القاضي» للخصاف في أول باب المدعى عليه يعدل الشهود: أن القاضي لا يقضى بشهادتهما حتى يسأل عنهما وهكذا روي عن أبي يوسف في «الأمالي» ، وهكذا روى هشام عن محمد، فعلى هذه الروايات (٨١أ٤) لم يعتبر تعديل المشهود عليه تعديلاً.

ووجه هذه الروايات أن المدعى عليه إن عدلهما بقوله: هم عدول، فقد جرحهما بإنكاره ما شهدا به بنسبته إياهما إلى الكذب؛ ولأن تعديل الشهود حق المدعي، وفي زعم المدعي أن هذا التعديل لم يصح؛ لأن المدعى عليه ظالم ليس من أهل التعديل، والمنقول عن محمد رحمه الله في هذا أن المدعى عليه حين قال: أولهما لم يزكهما.

قال الصدر الشهيد رحمه الله: فإما أن يقال: في المسألة روايتان، أو يحمل ما ذكر في بعض الروايات أن القاضي لا يقضي بشهادتهما حتى يسأل أنه قول محمد خاصة، لا لأن تعديله ليس بتعديل، ولكن لأن العدد في المزكي عنده شرط على ما يأتي بيانه بعد هذا، أو يقال: ما ذكر في بعض الروايات أن تعديل المشهود عليه ليس بتعديل محمول على ما إذا كان جاحداً، أما إذا كان ساكتاً، وهو من أهل التعديل يصح تعديله، هكذا أول رحمه الله في «شرح الجامع الصغير» وإن لم يكن المدعى عليه من أهل التزكية والتعديل بأن كان فاسقاً أو مستور الحال، لا يصح تعديله، ولا يقضي القاضي بشهادتهما.

فإن قيل: يجب أن يصح تعديل المشهود عليه، وإن كان فاسقاً، أو مستور الحال؛ لأنه إقرار على نفسه، وإقرار الفاسق أو مستور الحال على نفسه صحيح.

قلنا: كما أن هذا إقرار على نفسه، فهذا إقرار بوجوب القضاء على القاضي لا يصح، ثم إذا لم يثبت التعديل بقول الفاسق ومستور الحال، فالقاضي يسأل المشهود عليه: أصدقوا أم لا؟ إن قال: صدقوا، فقد أقر على نفسه، فيقضي عليه بإقراره، وإن قال: أوهموا أو أخطأوا، فالقاضي لا يقضي عليه.

وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله ينبغي للقاضي إذا أقام المدعي البينة أن

<<  <  ج: ص:  >  >>