علم من حيث الظاهر، وهو المأخوذ به في حق العباد، أما العلم بالحقائق لله تعالى.
وعن محمد أن المزكي إذا كان عالماً بصيراً يكتفي به منه، وإذا كان غير عالم لا يكتفي به منه؛ لأن غير العالم ربما لا يعرف هذا تعديل، وإن قال: لا أعلم منه إلا خصلة من أنواع الخير، لا يكون هذا تعديلاً؛ لأنه لم يثبت له إلا خصلة من أنواع الخير، وبهذا القدر لا تثبت العدالة.
وإن قال: هو عدل فيما علمنا، فقد قال بعض العلماء: إنه تعديل، وهكذا روي عن شريح، والأصح أنه ليس بتعديل؛ لأن قول الإنسان: فيما أعلم إذا اقترن بالإخبار بخرجه من أن يكون إثباتاً، ألا ترى أن الشاهد إذا شهد أن لفلان على فلان كذا فيما أعلم، لا تقبل شهادته؛ لأنه لا يكون إثباتاً وكذلك قال أبو حنيفة ومحمد: إذا قال: لفلان علي ألف درهم فيما أعلم لا يكون إقراراً، تأويل حديث شريح أنه كان لا يقبل شهادة المستور كما هو قول أبي حنيفة.
وإن قال: هو عدل إن لم يكن شرب الخمر، فهذا ليس بتعديل؛ لأن فيما ذكر تعريض لوصفه بذلك النوع من الفسق، وإن قال: الله أعلم لا يكون تعديلاً بل يكون جرحاً؛ لأنه نفى علم نفسه حيث أحال بالعلم على الله تعالى.
قال ابن سماعة في «نوادره» عن أبي يوسف قال: أجيز في تزكية السر تزكية العبد والمرأة والمحدود في القذف والأعمى، إذا كانوا عدولاً، ولا أقبل في تزكية العلانية إلا من كنت أقبل شهادته؛ لأن تزكية السر من باب الإخبار، ألا ترى أنه لا يشترط فيه العدد عندهما، والمخبر به أمر ديني، وقول المرأة والعبد والمحدود في القذف في الأمور الدينية مقبول، إذا كانوا عدولاً، ألا ترى أنه تقبل روايتهم في الإخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويجب الصوم بقولهم، فأما تزكية العلانية نظير الشهادة حيث شرط فيها العدد، وهؤلاء لا يصلحون للشهادة.
قال: وأقبل فيها رجل وامرأتان يعني في تزكية العلانية؛ لأن شهادة رجل وامرأتين في الأموال مقبولة، فكذلك التزكية، وعلى هذا تزكية الوالد لولده في السر جائزة، لأنها من باب الإخبار، أقصى ما فيه أنه تزكية لنفسه من حيث المعنى، ولكن يجوز للإنسان أن يزكي نفسه إذا احتاج إليه، ألا ترى أنه كيف زكى يوسف صلوات الله عليه في قوله تعالى:{اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم}(يوسف: ٥٥) وأما في العلانية فلا تجوز إلا تزكية من تقبل شهادته له، وكذلك على هذا تزكية العبد مولاه في السر جائزة وروى محمد عن أبي حنيفة أن يجوز تعديل العبد والمرأة والأعمى، وعن محمد: لا يجوز تعديل هؤلاء.
قال: وينبغي للمعدل أن يختار السؤال ممن اتصف بالأوصاف التي شرطناها في المزكي، وإنما يسأل جيرانه وأهل سوقه؛ لأنهم أعرف بحاله، هكذا ذكر في «أدب القاضي» .
قال الشيخ الإمام الأجل شمس الأئمة الحلواني: إنه يسأل عن جيرانه، إذا لم يكن