بحجة في حقوق العباد، فلأن يحال بشهادة الفاسقين وشهادتهما حجة في حقوق العباد، حتى لو قضى القاضي بشهادة الفاسق على تحر أنه صادق ينفذ قضاؤه أولى.
وأما في العبد ففيه اختلاف الروايات. ذكر في بعض الروايات أنه يحال؛ لأنها حجة القضاء في الجملة، فكان بمنزلة المستورين، وفي المستورين يحال في العبد إذا كان المدعى عليه ممن يخاف على العبد، وإن كان ممن لا يخاف عليه يكتفى بأخذ الكفيل على ما بينا، فكذا شهادة الفاسقين وفي رواية لا يحال؛ لأن زيادة العدد تقام مقام العدالة فيصير الفاسقان بسبب زيادة العدد كشاهد واحد عدل، وبشهادة واحد عدل لا تجب الحيلولة في العبد.
أمة في يدي رجل ادعاها رجل أنها له، وأقام على ذلك شاهدين لا يعرفهما القاضي، فالقاضي يخرجها عن يده ويضعها على يدي عدل لما مر. ولو طلب النفقة وأمر القاضي المشهود عليه بالإنفاق، ثم لم يزك الشهود وردت الجارية على المولى فالمولى لا يرجع بما أنفق على أحد، وإن زكت الشهود، وقضى القاضي بالجارية للمدعي لم يكن للمشهود عليه أن يرجع على المدعي؛ لأنه أنفق على جاريته بغير إذنه.
وهل يرجع بذلك؟ على قول أبي حنيفة رحمه الله لا يرجع، وعلى قول أبي يوسف ومحمد يرجع ويكون ذلك ديناً على ذمة الجارية تباع فيه الجارية إلا أن يعدلهما المقضي له؛ لأنه لما قضى بها للمدعي ظهر أن المدعى عليه كان غاصباً في حال ما أنفق عليها؛ لأنها في يد العدل ويد العدل يد المدعى عليه ولهذا لو هلكت في يد العدل ضمن المدعى عليه قيمتها، فتبين أنها استهلكت شيئاً من مال الغاصب، ومن أصل أبي حنيفة أن جناية المغصوب على مال الغاصب هدر كجناية المملوك على مالكه، وعندهما معتبرة كالجناية على الأجنبي وهي من مسائل الديات.
عبد في يدي رجل ادعاه رجل أنه عبده، وأقام على ذلك شاهدين لا يعرفهما القاضي لم يؤخذ من يد المدعى عليه؛ لأن الأخذ من يده والوضع على يدي عدل في فصل الأمة، إنما كان صيانة للفرج وإنه معدوم هاهنا، ولكن يأخذ القاضي كفيلاً من المدعى عليه بنفسه وكيلاً بنفس العبد.
أما أخذ الكفيل بنفس العبد؛ لأن المدعي استحق القضاء بالعبد عند تزكية الشهود والإشارة إلى العبد أمر لا بد منها لصحة القضاء، فلو لم يأخذ كفيلاً بالعبد ربما يغيب العبد، فيعجز القاضي عن القضاء بالعبد، وأما أخذ الكفيل بنفس المدعى عليه كيلا يغيب، فإن القضاء لا يجوز على الغائب، ثم يأمر القاضي المدعى عليه أن يجعل الكفيل بنفسه وكيلاً بالخصومة حتى إنه إذا غاب ولم يقدر الكفيل على إحضاره فالمدعي يخاصم الكفيل ويقضي القاضي عليه ولكن إن أبى المدعى عليه أن يجعله وكيلاً فالقاضي لا يجبره بخلاف ما إذا أبى إعطاء الكفيل حيث يجبر عليه وإن لم يجد المدعى عليه كفيلاً، فالقاضي يقول للمدعي: الزم المدعى عليه والعبد.
ولو كان المدعي لا يقدر على ذلك وكان المدعى عليه مخوفاً على ما في يده