مضافاً أيضاً حتى لو عتق العبد أو بلغ الصبي أو أسلم الذمي، وحكم لا ينفذ حكمه.
فرق بين هذا وبينما إذا وكل العبدَ رجل بالشراء حيث تصح الوكالة مضافاً إلى ما بعد العتق، وإن كان لا يصح للحال، والفرق أما عند أبي يوسف رحمه الله فلأن عنده إضافة التحكيم إلى وقت في المستقبل لا يصح فلا يمكن تصحيحها مضافاً عند تعذر تصحيحها للحال، وأما على قول محمد رحمه الله فلأن عنده إضافة التحكيم إلى وقت في المستقبل وإن كانت صحيحة إلا أن التحكيم هاهنا حصل مرسلاً، والمرسل لا يصير مضافاً أصلاً.
ألا ترى أنه لو قال لها أنت طالق ونوى الإضافة إلى العبد لا يصح، ولا يقول إن الوكالة تصح باعتبار الإضافة بل تصح باعتبار الحال؛ لأن العبد من أهل الشراء ولهذا لو اشترى يجوز شراؤه إلا أن الشراء يتوقف على إجازة المولى والمأمور من أهل الشراء أيضاً فصح الأمر من العبد بالشراء للحال، إلا أنه توقف نفاذه إلى ما بعد العتق لمانع، وهو أن العبد ليس من أهل أن يلزمه حكم الشراء، فأما تحكيم العبد في الحال لم يصح؛ لأن العبد ليس من أهل الحكم.
فرق في العبد (٨٦أ٤) بين هذه الصورة وبينما إذا تحمل الشهادة وهو عبد ثم عتق يجوز له أن يشهد، وإن حصل التحمل حال عدم الأهلية، والفرق أن التحمل لحصول العلم، والعبد في حق حصول العلم له بالسماع أو بالمعاينة والحر سواء فصح التحمل وإذا صح التحمل أمكنه الأداء عند صيرورته أهلاً للأداء بالحرية، فأما التحكيم أمر بالقضاء والأمر لطلب المأمور به، وإنما يصح طلب الشيء ممن يتصور منه ذلك الشيء للحال والقضاء من العبد لا يتصور له في الحال؛ لأنه ليس من أهل القضاء للحال، وإذا لم يصح الأمر صار وجوده والعدم بمنزلة.
قياس مسألة التحميل من مسألتنا: أن لو وقع الخلل في التحمل حتى لم يقع للعبد العلم بسبب التحمل وهناك لو أراد أداء الشهادة بذلك التحمل بعد العتق لم يقدر عليه.
ولو حكما أعمى أو فاسقاً. ذكر في الأقضية أنه لا يجوز، وهذا الجواب في حق الفاسق مستقيم على الرواية التي قال: إن الفاسق لا يصلح قاضياً، أما على الرواية التي قال يصلح قاضياً لكن غيره أولى يصلح حكماً من الطريق الأولى.
قال في الأقضية: ويجوز أن يجعلا بينهما امرأة يعني يجوز إذا حكما بينهما امرأة وأراد به فيما سوى الحدود والقصاص، لما ذكرنا أن التحكيم ينبني على الشهادة والمرأة تصلح شاهدة فيما سوى الحدود والقصاص فتصلح حكماً. وقال أبو يوسف رحمه الله: لا يجوز التحكيم معلقاً بالأخطار ولا مضافاً إلى وقت في المستقبل.
وقال محمد رحمه الله: يصح صورة التعليق إذا قالا لعبد: إذا أعتقت فاحكم بيننا أو قالا لرجل: إذا أهل الهلال فاحكم بيننا، صورة الإضافة إذا قال الرجل: جعلناك حكماً غداً، أو قالا: رأس الشهر فوجه قول محمد رحمه الله أن التحكيم تولية وتفويض؛ لأن كل واحد من الخصمين بالتحكيم مُعرض إلى الحكم ما كان يملك فعل ذلك بنفسه،