للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه، فإنه لا يعمل عزله وكان كالوكيل ببيع عبدين إذا باع أحدهما ثم عزل الموكل عمل عزله فيما لم يبع، ولم يعمل فيما باع وكذلك هاهنا.

قال: وإذا اصطلح الخصمان على حكم بينهما، فأقام المدعي شاهدين عنده، أن له على هذا الرجل وعلى كفيله الغائب فلان ألف درهم فقال المدعى عليه: الشاهدان عبدان فإنه يسمع طعن المشهود عليه؛ لأنه فيما بين المتخاصمين بمنزلة القاضي المولى والقاضي يسمع مثل هذا الطعن، فكذا الحكم. فإن أقام الشاهدان بينة أن مولاهما كان أعتقهما وعدلت بينة العتق، فالحكم يقضي بعتقهما في حق المشهود عليه ويقضي بالمال عليه ولا يقضي به على الكفيل، ولا يثبت العتق في حق المولى بحكم الحكم، وإن كان لو حصل هذا من القاضي المولى يثبت العتق في حق المولى، ويثبت المال على الكفيل (٨٧ب٤) لما ذكرنا أن حكم الحكم إنما يظهر في حق من قضى بحكمه، دون من لم يرض بحكمه، والمولى والكفيل ما رضيا بحكمه فلا يظهر حكمه في حقهما، أما المتخاصمان فقد رضيا بحكمه فظهر حكمه في حقهما.

فإن جاء مولى العبدين وأنكر العتق وقدمهما إلى القاضي، فإن شهد هذان الشاهدان على عتقهما أو غيرهما يريد بقوله: هذان الشاهدان اللذان شهدا على عتقهما عند الحكم قضى القاضي به فشهادتهما بالمال جائزة؛ لأنه لم يظهر عنده خطأ حكم الحاكم فيما حكم ولا ينقض حكمه، وإن لم تكن بيتهما بينة على العتق وقضى القاضي برقهما للمولى أبطل حكم الحكم فيما حكم؛ لأنه ظهر عند القاضي أن الحكم حكم بشهادة العبد والحكم بشهادة العبد باطل فكان له أن يبطل.

قال: ولو ادعى رجل قبل رجلين أنهما غصباه ثوباً أو شيئاً من الكيلي أو الوزني فغاب أحدهما، ورضي الآخر والمدعى عليه بحكم يحكم بينهما، فأقام المدعي بينة على حقه عليهما، فإنه يلزم الحاضر نصف ذلك ولا يلزم الغائب منه شيء؛ لأن الحاضر رضي بحكمه، أما الغائب فلم يرض بحكمه.

وكذلك على هذا إذا ادعى رجل على ميت ديناً وورثته غيب إلا واحد، فاصطلح هذا الوارث الحاضر مع المدعي على حكم يحكم بينهما، وأقام المدعي بينة على الميت بحقه وحكم الحاكم بذلك لا يظهر حكمه في حق الغيب؛ لأنهم ما رضوا بحكمه. غير أن في مسألة الورثة يقضي على الحاضر بجميع الدين ويستوفي ذلك مما في يده وفي مسألة الغصب يقضي على الحاضر بالنصف. والوجه في ذلك: أن الحكم فيما بين المتخاصمين بمنزلة القاضي المولى في حق الناس كافة، ثم القاضي يقضي بجميع الدين على الميت بحضرة أحد الورثة لما عرف أن أحد الورثة ينتصب خصماً عن الميت في جميع ما يدعى على الميت، وصار من حيث المعنى كأن المورث حي وهو حاضر.

وإذا قضى القاضي بجميع الدين والدين مقدم على الميراث وما في يده من الميراث يؤخذ جميع الدين مما في يده، فإذا عرفت الجواب في حق القاضي المولى، فكذا الجواب في الحكم، أما في الغصب القاضي المولى لا يقضي إلا بنصف القيمة؛ لأن أحدهما ليس بخصم عن الآخر، فإذا عرفت هذا في القاضي المولى، فكذا الجواب في الحكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>