للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معلوماً، أما مقدار العرصة لا يصير معلوماً، والدار مما يزاد فيها وينقص عنها، وبه لا يتعين الاسم، وإذا لم يصر المقدار معلوماً تبقى الجهالة فلا بد من ذكر الحدود، وأما الآدمي لا يزاد فيه ولا ينقص عنه، فيصير بجملته معلوماً بذكر الاسم، إذا كان مشهوراً بذلك الاسم فلا حاجة إلى اشتراط آخر.

ومن شرائط صحة الكتاب أن يقرأ القاضي الكتاب على الشهود الذين يشهدهم على الكتاب أو يخبرهم بما في الكتاب، وأن يختم الكتاب بحضرتهم وهذا قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله، وهذا بناء على أن عندهما يشترط أن يشهد الشهود عند المكتوب إليه بما في (٨٩أ٤) الكتاب. وإنما يمكنهم الشهادة بما في الكتاب إذا علموا بما في الكتاب، وذلك إما بقراءة القاضي الكتاب عليهم أو بإخباره إياهم بما في الكتاب، وكذلك يشترط عندهما أن يشهدوا عند المكتوب إليه أن القاضي الكاتب ختم الكتاب بحضرتهم، وإنما يمكنهم الشهادة على ذلك إذا ختم بحضرتهم.

وعند أبي يوسف أخراً شيء من ذلك ليس بشرط، بل إذا أشهدهم أن هذا كتابه وخاتمه وهم شهدوا عند المكتوب إليه أن هذا كتاب القاضي فلان، وهذا خاتمه كفى، فوجه هذا القول أن المشهود به الكتاب والختم وكل ذلك يصير معلوماً للشاهد، بقول القاضي الكاتب، ويصير معلوماً للمكتوب إليه بإشارة الشاهد إلى الكتاب والختم، فلا حاجة إلى اشتراط شيء آخر.

ولهما أن المقصود من الكتاب أن يقضي المكتوب إليه بما في الكتاب، وإنما يجوز له القضاء بما في الكتاب إذا حصل له العلم بما في الكتاب بشهادة الشهود على ما في الكتاب، أما لا يحصل العلم بمجرد الشهادة على الكتاب والختم؛ لأن الكتاب في يد المدعي لا يؤمن من التغيير والتبديل، والخط يشبه الخط، والختم يشبه الختم، فلا يجوز الاعتماد على مجرد الكتاب بدون الشهادة بما عليه.

وإذا ثبت من مذهب أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله أن شهادة الشهود بما في الكتاب شرط ينبغي للقاضي الكاتب أن يدفع إلى الشهود نسخة ما في الكتاب، ليكون عندهم، فيمكنهم الشهادة على ما في الكتاب قبل فتح الكتاب، فما قاله أبو حنيفة ومحمد احتياط، وما قاله أبو يوسف توسع، وكذلك يشترط عند أبي حنيفة رحمه الله أن يحفظ الشهود شهادتهم بما في الكتاب من وقت التحمل إلى وقت الأداء، ولكن هذا شرط لا يختص بكتاب القاضي، بل في جميع الشهادات يشترط حفظ الشاهد شهادته من وقت التحمل إلى وقت الأداء عند أبي حنيفة رحمه الله.

ومن الشرائط عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله: أن يكون الكتاب معنوناً بأن يكتب فيه: هذا كتاب من فلان بن فلان القاضي إلى فلان بن فلان القاضي حتى إنه إذا لم يكتب فيه ذلك، وإنما كتب فيه عافانا الله وإياك، فالقاضي المكتوب إليه لا يقبله.

وعند أبي يوسف رحمه الله: العنوان ليس بشرط، إنما الشرط أن يشهد الشهود أن هذا كتاب القاضي فلان إليك وختمه، فوجب قوله إن شهادة الشهود تثبت كون الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>