للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتاب القاضي، فثبت كون المكتوب فيه مكتوب القاضي، فلا حاجة إلى اشتراط شيء آخر.

ولهما أن الكتاب إذا لم يكن معنوناً فيكون هذا الكتاب مكتوب القاضي إلى هذا القاضي لا يكون مكتوباً في الكتاب، وما لم يكن مكتوباً في الكتاب لا يثبت بمجرد الشهادة من الشهود عند هذا القاضي، إذا لم يكن مكتوباً في الكتاب بأن يشهدوا عند هذا القاضي أن فلاناً وفلاناً شهدا عند قاض (على) فلان بهذا الحق لهذا المدعي، فكذا كون هذا الكتاب من الكاتب إلى المكتوب إليه، لا يثبت بمجرد شهادة الشهود، وإذا لم يثبت ذلك بشهادتهم، فكأنهم لم يشهدوا، وبدون شهادتهم أن هذا كتاب فلان إليك، فالمكتوب إليه لا يقبل الكتاب كذا هنا.

وإذا ثبت أن العنوان شرط عندهما، فنقول: إن كان العنوان في الباطن، وعلى الظاهر، فالقاضي المكتوب إليه يعمل؛ لأنه يعمل به إذا كان العنوان في الباطن لا غير فهاهنا أولى. وإن كان العنوان في الباطن لا غير، فإنه يعمل به؛ لأنه يجب ختمه فيؤمن التبديل والتغيير وثبت كونه كتاب القاضي إليه لكونه مكتوباً في الكتاب كأصل الحادثة.

وإن كان العنوان على الظاهر لا غير، فالقاضي المكتوب إليه لا يعمل به؛ لأنه لا يؤمن التبديل والتغيير. ألا ترى أن أصل الحادثة إذا لم يكن تحت ختم القاضي بأن لم يكن الكتاب مختوماً، فالقاضي المكتوب إليه لا يعمل به؛ لأنه لا يؤمن التغيير والتبديل، فكذا كونه كتاب القاضي إذا لم يكن تحت خاتمه.

وبعض المتأخرين من مشايخنا اكتفوا بعنوان الظاهر وقالوا: كتابة أصل العنوان إذا لم يشترط عند أبي يوسف؛ فلأن لا يشترط عنوان الباطن ويكتفى بعنوان الظاهر أولى، وأخذوا بقول أبي يوسف رحمه الله في هذا الفصل تسهيلاً.

ثم إذا أراد القاضي الكتاب يكتب في العنوان من الجانب الأيمن من الكتاب إلى القاضي فلان بن فلان بن فلان بن فلان الفلاني قاضي كورة كذا ونواحيها نافذ القضاء والإمضاء بها بين أهلها، ويكتب من الجانب الأيسر من الكتاب من القاضي فلان بن فلان الفلاني قاضي كورة كذا ونواحيها نافذ القضاء والإمضاء بها بين أهلها، وإنما يكتب قاضي كورة كذا وإن كان التعريف حاصلاً بالاسم والنسب؛ لأنه إنما يقبل كتابه إذا كان قاضياً، فأما إذا لم يكن فلا، ثم يكتب التسمية ثم يكتب بعد التسمية: كتابي أطال الله بقاء فلان القاضي إلى آخره كما هو الرسم في الكتاب.

ثم يكتب أما بعد، وهذه كلمة فصل الخطاب، جاء في تفسير قوله تعالى: {وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب} (ص: ٢٠) أن المراد من فصل الخطاب كلمة: أما بعد، فذكر هذا للفصل بينما تقدم ذكره من الكلام وبينما تأخر من الكلام. ثم يكتب: حضرني في مجلس قضائي بكورة كذا في يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا أطال الله بقاء القاضي، وإنما يكتب حضرني؛ لأنه يريد حكاية دعوى المدعي، وينبغي أن تكون الدعوى عند القاضي، وكذا شهادة الشهود حتى يجوز له أن يكتب إلى قاض آخر، ويقول: في مجلس قضائي؛

<<  <  ج: ص:  >  >>