للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمدعي بالعبد بحضرة المدعى عليه وأبرأ كفيل المدعي.

وقال في رواية أخرى: إن قاضي بخارى يقضي بالعبد للمدعي ويكتب إلى قاضي سمرقند حتى يبرئ كفيل المدعي، وعلى الرواية التي جوّز أبو يوسف كتاب القاضي في «الأمالي» وصورته ما ذكرنا في العبد غير أن المدعي إذا لم يكن ثقة مأموناً، فالقاضي المكتوب إليه لا يدفعها إليه ولكن يأمر المدعي حتى يجيء برجل ثقة مأمون، فالقاضي المكتوب إليه بدينه وعقله يبعث بها معه؛ لأن الاحتياط في باب الجرح واجب، وإذا مات القاضي الكاتب قبل أن يصل الكتاب إلى المكتوب إليه، فالمكتوب إليه لا يعمل بهذا الكتاب عندنا.

وقال أبو يوسف في «الأمالي» : يعمل وهو قول الشافعي، ووجهه: أن كتاب القاضي إلى القاضي بمنزلة الشهادة على الشهادة، لأنه بكتابه ينقل شهادة الشاهدين الذين شهدوا عنده بالحق إلى القاضي المكتوب إليه، والنقل قد تم بالكتابة فكان بمنزلة شهود الفرع إذا ماتوا بعد أداء الشهادة قبل القضاء، وإنه لا يمنع القضاء.

ولنا: أن القاضي الكاتب وإن كان نقل أداء شهادة الذين شهدوا عنده إلا أن لهذا النقل حكم القضاء، ألا ترى أنه لا يصح هذا النقل إلا من القاضي، ولم يشترط فيه العدد ولفظه: الشهادة، ووجب على القاضي الكاتب هذا النقل بسماع البينة، وما يجب على القاضي بسماع البينة قضاء، فدل أن لهذا النقل حكم القضاء ولم يتم بعد؛ لأن تمامه بوجوب القضاء على المكتوب إليه، ولا يجب القضاء على المكتوب إليه قبل وصول الكتاب إليه وقبل قراءته فلم يكن النقل تاماً، فيبطل بموت القاضي كما في سائر الأقضية إذا مات القاضي قبل إتمامها بخلاف شهود الفرع، إذا ماتوا بعد الشهادة قبل القضاء؛ لأن ما يتوقع من جهتهما أداء موجب للقضاء وقد تم، أما المتوقع من جهة القاضي الكاتب نقل موجب القضاء ولم يتم بعد، ولأن مسألة الكتاب من مسألة الشهادة، إذا قال الشاهد: أشهد ومات قبل تمام الأداء وهناك تبطل الشهادة أيضاً، ولو قبل مع هذا وقضي به ثم رفع إلى قاض آخر أمضاه؛ لأن قضاءه صادف محل الاجتهاد.

وكذلك الجواب فيما إذا مات بعد وصول الكتاب إليه قبل القراءة، لأن وجوب القضاء على المكتوب إليه إنما يكون عند القراءة فقبل القراءة لم يكن النقل تاماً، فيبطل بالموت.

وأما إذا مات بعد وصول الكتاب والقراءة، فإن المكتوب إليه يعمل به هكذا ذكر في «ظاهر الرواية» ، وذكر في اختلاف زفر ويعقوب عن أبي حنيفة رحمه الله أنه لا يقضي، والصحيح ما ذكر في «ظاهر الرواية» ؛ لأن المتوقع من قبل القاضي الكاتب نقل الشهادة، وقد تم النقل منه فموته بعد ذلك لا يضر، والمتوقع من قبل المكتوب إليه القضاء وإنه حي، فأمكن القول بوجوب القضاء عليه إذا مات القاضي الكاتب. فإن عزل الكاتب فالجواب فيه كالجواب فيما إذا مات إذ المعنى لا يوجب الفصل.

وأما إذا مات المكتوب إليه أو عزل واستعمل مكانه قاضٍ آخر، فوصل الكتاب إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>