بالإعتاق بالارتداد والالتحاق بدار الحرب والسبي بعد ذلك، فلو حلفناه على السبب بالله ما أعتقها لتضرر به المدعى عليه، فيحلف على الحاصل. وعلى رواية أبي يوسف: يحلف على السبب بالله ما أعتقتها إلا إذا عرض المدعى عليه ونقول: الرجل قد يعتق أمته ثم ترتد وتلتحق بدار الحرب وتسبى وتعود إلى ملكه ثانياً فلا يمكنه أن يحلف ما أعتقتها، فإذا عرض على هذا الوجه يحلف على الحاصل وإن كان المدعي للعتق عبداً، فإن كان العبد ذمياً فكذلك الجواب يحلف على الحاصل في «ظاهر الرواية» : لأن حرمته تحتمل الانتقاض بعد الثبوت بالإعتاق بأن تنقض العهد ويلتحق بدار الحرب ثم يسبى ويسترق، وإن كان العبد مسلماً فالقاضي بالخيار إن شاء حلفه على الحاصل بالله ما هو حر الساعة كما هو جواب «ظاهر الرواية» وإن شاء حلفه على السبب كما هو قول أبي يوسف رحمه الله؛ لأن حريته لا تحتمل الانتقاض بعد ثبوتها؛ لأن أكثر ما فيه أنه يرتد إلا أن المرتد لا يسترق.d
وإن ادعت امرأة على رجل نكاحاً أو ادعى رجل على امرأة نكاحاً، فاعلم بأن الاستحلاف لا يجري في الأشياء السبعة عند أبي حنيفة رحمه الله خلافاً لهما، والأشياء السبعة النكاح والرجعة والفيء في الإيلاء والرق والولاء والنسب وأمية الولد.
وصورة أمومية الولد: إذا ادعت جارية على مولاها أنها أسقطت منه سقطاً مستبين الخلق والمولى ينكر فأرادت أن تستحلف المولى على دعواها؛ وهذا لأن الاستحلاف لرجاء النكول فإنما يجري الاستحلاف فيما يقضى فيه بالنكول، ولا يقضى بالنكول في هذه الأشياء عند أبي حنيفة رحمه الله: وعندهما يقضى وهذا بناء على أصل معروف أن النكول عند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله بمنزلة الإقرار، فكل ما يجوز فيه الإقرار يجوز فيه القضاء بالنكول، والإقرار بالنكاح والرجعة والفيء في الإيلاء والولاء وأمومية الولد صحيح، فكان النكول فيها حجة فيجري فيها الاستحلاف.
ومن هذا قلنا: أن من ادعى على ولي صغيرة أنه زوجها منه وأنكر الولي ذلك استحلفه القاضي عندهما؛ لأن النكول عندهما إقرار وإقرار الولي على وليته الصغيرة بالنكاح صحيح عندهما، وكذلك لو كان الدعوى بالرضا بالنكاح أو في الأمر بالنكاح يستحلف عندهما، وأما على قول أبي حنيفة رحمه الله: فالنكول بدل وكل ما يجري فيه البدل كان النكول فيه حجة فلا يجري فيها الاستحلاف، وعن هذا قال أبو حنيفة رحمه الله: إن من ادعى على ولي صغيرة أنه زوجها منه وأنكر الولي ذلك فالقاضي لا يستحلفه؛ لأن النكول عنده بدل، والبدل لا يجري من الولي في النكاح فلا يجري فيه الاستحلاف، ثم على قول أبي حنيفة إذا كان الاستحلاف لا يجري في النكاح لو كان دعوى النكاح من المرأة، وقالت المرأة للقاضي: لا يمكنني أن أتزوج؛ لأن هذا زوجي وقد أنكر النكاح فمره ليطلقني لأتزوج، والزوج لا يمكنه أن يطلقها؛ لأن بالطلاق يصير