لديك هذه الجارية التي ذكرها ولا شيئاً منها ولا بقي له عليك ولا قبلك ولا قيمتها التي سمى وهي كذا وكذا، بذكر شيء منه لجواز أن في يديه بعض الجارية فيتأول، وإنما يذكر القيمة لجواز أنها مستهلكة، فلا تكون في يديه ولكن يجب عليه القيمة، وإنما يذكر شيئاً من القيمة لجواز أنه سقط بعض القيمة عنه فيتأول، وإنما يذكر ولا شيء له عليك ولا قبلك؛ لأن من مذهب بعض العلماء أن الحيوان يكون مغصوباً بالمثل فربما يتأول ذلك القول.
وإن ادعى شراء ضيعة وبين حدودها وموضعها وبين الثمن، وأنكر المدعى عليه أنه باعه ذلك، وأراد القاضي أن يحلفه على الحاصل كما هو جواب ظاهر الرواية كيف يحلفه؟ قال: يحلفه بالله ما بينك وبين هذا البيع قائم الساعة فيما ادعاه، أو يحلفه بالله ما هذه الضيعة شراء لهذا الساعة بما ادعاه من الثمن أو يحلفه بالله ما عليك تسليم هذه الضيعة إلى هذا بهذا البيع الذي ادعاه وهاهنا أشياء أخر تأتي بعد هذا.
وإن ادعت امرأة على زوجها أنه طلقها فهو على وجوه:
الأول: تدعي الطلاق الثلاث، وفي هذا الوجه إذ أراد القاضي أن يحلفه حلّفه بالله ما هذه المرأة بائن منك بثلاث تطليقات كما ادعت، وهذا تحليف على الحاصل، وإنه جواب ظاهر الراوية. قالوا: وإن شاء القاضي حلفه على السبب بالله ما طلقتها ثلاثاً في هذا النكاح الذي تدعي أنك مقيم عليها فيه؛ لأن هذا سبب لا يحتمل الانتقاض إلا أنه لا يستحلف بالله ما طلقتها ثلاثاً ثم عادت إليه بنكاح مستقبل بعدما تزوجت بزوج آخر، فلو حلفناه كذلك لتضرر وكذلك إذا لم تدع المرأة ذلك ولكن شهد عند القاضي شاهد واحد عدل أو جماعة من الفساق بذلك؛ لأن حرمة الفرج حق الشرع، فكان على القاضي الاحتياط في مثله بالاستحلاف.
الوجه الثاني: أن تدعي تطليقة، كما ادعت أنما هي محرمة عليك بتطليقة كما ادعت؛ يستحلف على حاصل الدعوى في ظاهر الرواية، قال مشايخنا: وفي هذا الجواب نوع نظر؛ لأن عند الشافعي الكنايات رواجع فلو حلفناه على الحاصل ربما يتأول قول الشافعي رحمه الله، فيحلف على السبب بالله ما طلقتها بلفظ كذا، كما ادعت في هذا النكاح الذي تدعي أنك مقيم عليها فيه حتى لا يمكنه التأويل إلا إذا ادعت الخلع أو ادعت تطليقة بائنة قبل الدخول، فإن هناك تثبت البينونة بلا خلاف، فلا يمكنه التأويل فيحلف على الحاصل.
الوجه الثالث: أن تدعي تطليقة رجعية، وفي هذا الوجه يحلف على الحاصل في ظاهر الرواية، فيحلف ما هي طالق منك الساعة، وهذا لأن الطلاق الرجعي يزيل النكاح بعد انقضاء العدة، إن كان لا يزيل النكاح في الحال ويؤثر في إزالة حل المحلية عند انضمام تطليقتين إليه، فيفيد الاستحلاف.
وإن ادعت أمة على مولاها أنه اعتقها، ففي ظاهر الرواية يستحلف على الحاصل بالله ما هي حرة الساعة بما ادعت من العتق؛ لأنه يتصور زوال الحرية عنها بعد ثبوتها