للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستقراض، وقال: ما استقرضت يحلف على السبب بالله ما استقرضت، وإن قال: ليس له علي ما يدعي، يحلف على الحاصل بالله ليس له عليك ولا قبلك هذا المال الذي يدعي ولا شيء منه، قال رحمه الله: هذا أحسن الأقاويل عندي وعليه أكثر القضاة.

وقال الشيخ الإمام الزاهد فخر الإسلام على البزدوي رحمه الله: ينبغي أن يفوض الأمر إلى رأي القاضي في هذا إن رأى المصلحة في التحليف على السبب حلف على السبب، وإن رأى المصلحة في التحليف على الحاصل حلف على الحاصل، قال: لأن من الناس من يكون تحليفه على السبب أولىو منهم من يكون تحليفه على الحاصل أولى، فيفوض إلى رأي القاضي.

لهذا قال الخصاف في «أدب القاضي» وفي الوديعة: إذا حلف الوديعة (ليست في يديك) ولا شيء منه ولا له قبلك حق منه؛ لأنه متى استهلكها أو دل إنساناً عليها، فلا تكون في يديه ولكن ضمان القيمة في ذمته، فلا يكتفى بقوله: في يديك بل يضم إليه ولا له قبلك حق منه احتياطاً، وهذا الجواب إنما يستقيم على ظاهر الرواية؛ لأن على ظاهر الرواية؛ التحليف على الحاصل، أما على (ما) روي عن أبي يوسف رحمه الله يستحلف بالله ما أودعك هذا كذا وكذا.

وإن ادعى قبله ضيعة أو عقاراً وحدده وسمى موضعه وبلده على نحو ما بينا يحلفه بالله ما هذه الضيعة ولا هذه الدار التي حدد وسمى لفلان بن فلان هذا في يديك ولا شيء منها ولا له قبلك منها حق ولا بسببها، جمع بين هذا؛ لأنه أحوط.

وإن ادعى جارية أو غلاماً أو عرضاً من العروض مما ينقل ويحول، فإن كان حاضراً في مجلس القاضي، فالقاضي يحلفه بالله ما هذا العبد ملك هذا المدعي من الوجه الذي ادعاه ولا شيء منه لجواز أن يكون بعضه ملك المدعي، فلو لم يقل ولا شيء منه يتأول ذلك، فيكون صادقاً في يمينه ولا يلزمه الحنث.

وذكر في كتاب الاستحلاف: أنه يحلف المدعى عليه بالله ما لهذا (٩٤أ٤) المدعي في هذا العبد حق، والصحيح ما ذكرنا؛ لأن لفظة الحق تنطلق على غير الملك من حق الإجارة والرهن، والمدعي ادعى الملك فيه دون الحق، وإنما يجب الاستحلاف على ما ادعاه المدعي، ولكن إن زاد في آخر اليمين ولا له فيها حق، كان مستقيماً، فإنه يكون تأكيداً للأول، وإن كان غائباً عن مجلس القاضي بأن كان المدعى عليه مقراً أنه في يده، إلا أنه ينكر كونه ملك المدعي كلفه القاضي الإحضار حتى يمكنه الإشارة إليه في الدعوى؛ وهذا لأن الدعوى إنما تسمع في المعلوم، فيشترط إعلام المدعي به بأبلغ وجوه الإعلام ما أمكن، والإشارة أبلغ في وجوه الإعلام، وإنما تكون الإشارة بعد الإحضار.

وإن أنكر المدعى عليه أن يكون ذلك في يديه. ذكر الخصاف رحمه الله: أن القاضي يقول للمدعي: سمه وانسبه إلى جنسه، وسم قيمته، شرط بيان القيمة لسماع الدعوى، وقد ذكرنا هذا الفصل وما فيه من الاختلاف قبل هذا ثم إذا سمى جميع ذلك حتى صح دعواه بلا خلاف، وأراد استحلاف المدعى عليه استحلفه القاضي بالله ما لهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>