الحاكم الإمام رحمه الله، وما يقول بأن يمين المغصوب منه يمين المدعي، ويمين المدعي لم تشرع حجة، قلنا: يمين المغصوب منه يمين المدعي من وجه من حيث أنه يدعي أن قيمة الثوب مائة، ولم يثبت ذلك لما أنكره الغاصب ويمين المدعى عليه من وجه من حيث أن الاستحقاق ثابت بإقرار الغاصب، فإن الإقرار بقيمته مجهولة صحيحة والحاجة إلى فصل الخصومة لا غير، واليمين شرع في الأصل لفصل الخصومات، فمن هذا الوجه يكون بمنزلة يمين المدعى عليه ويمين المدعى عليه من كل وجه مما يجوز أن يفصل بها الخصومة فكذا يمين المدعى عليه من وجه، قالوا: يجب أن تحفظ هذه المسألة فإنها من الغرائب.
وإذا اشترك الرجلان على أن ما اشتريا اليوم أو هذا الشهر أو هذه السنة ومضا صفاً من التجارة ووقتا أو لم يوقتا فهذه الشركة جائزة على ما عرف في موضعه، فإن قال أحدهما: اشتريت متاعاً فهلك، وأراد أن يبيع شريكه بنصف الثمن وأنكر الشريك الشراء، فالقول قول الشريك مع يمينه؛ لأن هذا وكيل من جهة صاحبه في نصف ما اشترى والوكيل بالشراء إذا قال: اشتريت وهلك عندي، ولم يكن الثمن مفقوداً، أو أراد أن يرجع بالثمن على الموكل وأنكر الموكل الشراء كان القول قول الموكل مع يمينه كذا ها هنا، فيحلف المنكر الشراء بالله ما لم يعلم أنه اشترى ذلك المتاع، يحلفه على العلم؛ لأنه يحلفه على فعل الغير.
وكان الحاكم أبو محمد رحمه الله يقول: يجب أن يزاد على هذا فيحلف بالله ما يعلم أنه اشترى ذلك المتاع على شركتكما؛ لأن بدون هذه الزيادة يتضرر منكر الشراء لجواز أنه كان اشترى ذلك المتاع قبل شركتهما، وعلم بذلك منكر الشراء فمتى حلفناه على مطلق الشراء لا يمكنه أن يحلف، فيمتنع عن اليمين، فيقضي عليه بنكول ويرجع بالثمن عليه فيتضرر منكر الشراء فيزاد ما قلنا دفعاً للضرر عنه.
ولو أن رجلاً اشترى من آخر جارية بألف درهم وتقابضا ثم طعن المشتري بشجة في رأسها، فاستحلف القاضي البائع على ذلك بالجارية، وقال: هذه الجارية حبلى وهذا الحبل حدث عند المشتري، فالقاضي يسأل المشتري عن ذلك أنها حبلى وهذا الحبل حدث عند المشتري، فإن أقر به قيل للبائع: أنت بالخيار إن شئت حبستها ولا شيء لك وإن شئت رددتها على المشتري ورددت عليه نقصان الشجة؛ وهذا لأن من شرط الرد على البائع الرد على الوجه الذي خرج عن ملكه، وقد خرج عن ملكه معيباً بعيب واحد ورد عليه معيباً بعيبين، فإن شاء البائع رضي بالعيب الزائد وحبس الجارية، وإن شاء ردها على المشتري ورد معها نقصان الشجة التي كانت عنده، وإن قال المشتري: مالي بهذا علم، فالقاضي يريها النساء، فإن قلن: هي حبلى فالقاضي يحلف المشتري بالله ما حدث هذا الحبل عندك، فإن حلف لا شيء عليه والرد ماض؛ لأنه تبين أن المشتري ردها على الوجه الذي خرج من ملك البائع، وإن نكل صار مقراً أن الحبل كان عنده، وقد ذكرنا الكلام في فصل الإقرار، وإن قال المشتري للقاضي: قد كان هذا الحبل عند البائع،