للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يمين له عليه في ذلك؛ لأن القاضي مع أنه لا ينبغي له أن يقضي للأول حتى يحلف للثاني لما جعل للأول، فالقضاء صادف محلاً مجتهداً فيه على ما مر فنفذ قضاؤه، فصار المدعى عليه خارجاً فلا يملك الإقرار والبدل ولا يتوجه عليه اليمين.

قال: ولو ادعى رجلان على امرأة نكاحاً وقدماها إلى الحاكم، فأقرت بالنكاح لأحدهما لا يستحلف الآخر، أما على قول أبي حنيفة رحمه الله فلأن الاستحلاف لا يجري في النكاح عنده أصلاً، وأما على قولهما، فلأنها لو أقرت للثاني بالنكاح بعدما أقرت للأول لا يصح إقرارها، فلا يفيد الاستحلاف.

وهل يستحلف الزوج المقر له ذكر؟ فخر الإسلام علي رحمه الله في «شرحه» أن فيه اختلاف المشايخ، بعضهم قالوا: لا يستحلف؛ لأنه لو أقرت بالنكاح للثاني لا يصح، فلا يفيد استحلافه، وبعضهم قالوا: يستحلف لرجاء النكول الذي هو إقرار معنى، لأنه لو أقر به يلزمه ويأمره القاضي أن يخلي عنها، فإن حلف لا تستحلف المرأة بعد (١٠١أ٤) ذلك، وإن نكل تستحلف المرأة؛ لأنها لو أقرت بالنكاح للآخر في هذه الحالة يلزمها حكم إقرارها، فإن نكلت قضي بالنكاح للثاني، وبطل نكاح الأول؛ لأنه ثبت بنكولها تقدم نكاح الثاني فكان نكاح المقر له أولاً باطلاً، وإن نكلت لأحدهما وحلفت (للآخر) يقضى بالنكاح للذي نكلت له وإن نكلت لهما لا يقضى بنكاح أحدهما؛ لأنه يصير كأنها أقرت بنكاحهما جميعاً، فلا يثبت نكاحها ولا نكاح أحدهما بل يتوقف إلى إقامة البينة.

قال: وإذا ادعى كل واحد منهما هبة العبد والأمة من الذي في يده وأنه قد قبضه منه، أو ادعى كل واحد منهما الصدقة مع القبض، فهو مثل الشراء في حق الحكم الذي ذكرنا أنه إذا ثبت الملك لأحدهما بإقرار أو نكول فلا يمين للآخر عليه.

ولو ادعى أحدهما أنه اشتراه من صاحب اليد بألف، وادعى الآخر أنه ارتهنه منه بألف أو استأجره منه بألف، فسأله القاضي فأقربه للمرتهن أو للمستأجر أولاً يحلف لمدعي الشراء إذا طلب ذلك؛ لأن بعد ما أقر بالرهن والإجارة لو أقر بالبيع يصح إقراره؛ لأن بيع المرهون والمستأجر ينعقد صحيحاً لازماً في حق البائع، وإذا كان بيعه ينعقد صحيحاً لازماً في حقه يملك البائع الإقرار به فيفيد استحلافه، ثم إذا حلف إن حلف انتهى الكلام وإن نكل يثبت البيع، وكان للمشتري الخيار إن شاء صبر إلى وقت النكال في الرهن، وفي الإجارة إلى مضي وقت الإجارة، وإن شاء فسخ؛ لأنه لم يرض بتأخير حقه هذا الذي ذكرنا إذا أقر للمرتهن أو للمستأجر أولاً، وإن أقر لمدعي الشراء أولاً، لا يحلف لمدعي الإجارة والرهن بعد ذلك؛ لأنه بعد ذلك أقر بالبيع لو أقر بالإجارة أو بالرهن لا يصح؛ لأن بعد البيع لا يملك الإجارة والرهن فلا يفيد استحلافه.

ولو ادعى كل واحد منهما الإجارة وأقر به لأحدهما لا يحلف للآخر؛ لأنه بعد ما أقر بالإجارة لأحدهما لو أقر بها للآخر لا يصح؛ لأن إجارة المستأجر غير صحيح فلا يفيد الاستحلاف، فلا يحلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>