لما حلف فسد البيع في الجراب؛ لأنه انتفى البيع عن الثوب الحادي عشر بحلفه ومبين أنه باع عشرة أثواب من أحد عشر من الجراب، وإنها مجهولة وجهالة المبيع يوجب فساد العقد وفي هذه المسألة إشكال من وجهين:
أحدهما: أنه قال: يحلف البائع، ولم يقل يتحالفان وكان ينبغي أن يتحالفا لأنهما اختلفا (١٠١ب٤) في مقدار المعقود عليه، والاختلاف في مقدار المعقود عليه بمنزلة الاختلاف في مقدار الثمن، ولو اختلفا في مقدار الثمن يتحالفان، فكذا إذا اختلفا في مقدار المعقود عليه.
والثاني: أنه جعل القول قول البائع مع اليمين فكان ينبغي أن يقول: القول قول المشتري، لأن المشتري يزعم جواز العقد والبائع يزعم فساده، والمتبايعان إذا اختلفا في جواز العقد وفساده كان القول قول من يدعي الصحة.
والجواب: أما الإشكال الأول قلنا: إنما لم يقل يتحالفان؛ لأن بحلف البائع يفسد العقد وبعدما فسد العقد لا يفيد تحليف المشتري، لأن التحليف لرجاء النكول الذي هو إقرار، ولو أقر بما ادعاه البائع صريحاً كان العقد فاسداً، لأن فيه ثوباً أبداً لم يدخل تحت العقد فلم يكن في تحليفه فائدة، فلهذا لا يحلف المشتري وأما الإشكال الثاني، قلنا: الاختلاف هاهنا ما وقع في فساد العقد وجوازه، وإنما وقع في وجود العقد وعدمه في الثوب الحادي عشر، فهو المقصود من هذه الخصومة.
والاختلاف إذا وقع في وجود العقد وعدمه، كان القول قول من ينكر الوجود، والمنكر لوجود العقد في الثوب الحادي عشر هو البائع، فيجعل القول قوله، وإذا جعل القول قول البائع ينتفي البيع عن الثوب الحادي عشر، ومن ضرورته فساد العقد في الباقي، ففساد العقد في الباقي من نتائج اختلافهما في وجود العقد وعدمه في الثوب الحادي عشر، لا أن يكون الاختلاف في صحة العقد وفساده.
وفي كتاب «الأقضية» : سئل أبو سليمان عن رجل قال: اشهدوا أن امرأتي فلانة بنت فلان طالق، فجاءت امرأة وخاصمته في المهر والنفقة، فقال الزوج: هذه ليست هي التي كانت امرأتي، ولا هي فلانة بنت فلان، فإن كانت لها بينة على ذلك أخذ بينتها وإن لم يكن لها بينة وأرادت استحلافه لا يحلف على أنها ليست فلانة بنت فلان وإنما يحلف على حاصل الدعوى فيحلف بالله مالها قبلك حق في المهر والنفقة التي تدعي.
وهذا لأن الاستحلاف إنما يكون على أصل الحق وعلى سبب الحق والسبب ليس بحقها، وليس بسبب لاستحقاق المهر والنفقة، فلا يستحلف عليه، ولكن يستحلف على الحاصل وبه يقع الاستغناء عما سواه، ويحصل النظر من الجانبين.
وكذلك إذا أقر رجل عند القاضي أن لفلان بن فلان علي ألف درهم، فجاء رجل وقال: أنا فلان بن فلان، وقال المقر: هذا ليس بفلان بن فلان، والمال ليس له فالقاضي لا يحلف المقر على السبب وإنما يحلفه على أصل الحق، والمعنى ما ذكرنا.
وقال ابن سماعة: في رجل أقر أن فلان بن فلان أودعني ألفاً ثم جاء رجل وادعى