بالاستحقاق لقبلت بينته، واستحقاق المشتري على المشترى بسبب سابق على الشراء، يوجب الرجوع على البائع بالثمن.
ثم إنما وقع الفرق بين القضاء بالملك المطلق على ذي اليد وبين القضاء بالحرية وما لحق بها، حتى اقتصر القضاء بالملك المطلق على ذي اليد، وتعدى القضاء بالحرية وما لحق بها إلى الناس كافة؛ لأن الحرية تعلق بها أحكام متعدية إلى الناس من أهلية الشهادة والقضاء والولاية وغير ذلك، فانتصب ذو اليد خصماً عن الناس كافة، فكان القضاء على ذي اليد قضاء على الناس كافة أما الملك المطلق فلم يتعلق به أحكام متعدية إلى الناس كافة، فلم ينتصب ذو اليد خصماً عن الناس كافة.
وكذلك لو أقامت بالبينة على عبد الله أنها كانت أمته أعتقها، وقضى القاضي بذلك رجع محمد بالثمن على إبراهيم؛ لأن دعوى الملك هنا ليست بمقصود، إنما المقصود دعوى العتق ودعوى الملك لكونه وسيلة إلى دعوى العتق، ولما كان المقصود دعوى العتق، وليس بعض الأوقات للقضاء فيه بالعتق بأولى من البعض لما أنه لم يعين وقتاً في الدعوى، فكان هذا والقضاء بحرية الأصل سواء.
وأما القضاء بالوقفية على ذي اليد، هل يكون قضاء على الناس كافة؟ وصورتها: رجل (ادعى أرضاً) في يدي رجل أنها وقف على جهة كذا وقفها فلان، وأنا متولي أوقافها، وأثبت الوقفية بالبينة وقضى القاضي بها على ذي اليد هل يكون قضاء على الناس كافة؟ حكي عن الشيخ الإمام شمس الأئمة الحلواني، والقاضي الإمام ركن الإسلام علي السغدي رحمه الله أنه يكون قضاء على الناس كافة، حتى لو ادعى رجل بعد ذلك هذه الأرض لنفسه لا يسمع دعواه وإلحاقه بالقضاء بحرية الأصل. وذكر في «فتاوى أبي الليث» رحمه الله: أنه لا يكون قضاء على الناس كافة، حتى لو ادعاه رجل بعد ذلك هذه الأرض لنفسه ملكاً مطلقاً يسمع دعواه وألحقه بالقضاء بالملك المطلق، وبه أخذ الصدر الشهيد رحمه الله، وذكر في شهادات «الجامع» : أن في دعوى العين أحد الورثة إنما ينتصب خصماً عن الميت للمدعي في عين في يد ذلك الوارث، لا في عين ليس في يده، حتى إن من ادعى عيناً من التركة وأحضر وارثاً ليس ذلك العين في يد هذا الوارث الذي أحضره، لا تسمع دعواه عليه، وفي دعوى الدين أحد الورثة ينتصب خصماً عن الميت وإن لم يصل إليه شيء من التركة.
عبد مأذون ادعى داراً في يدي رجل، واستحقها ببينة أقامها، فأقام المدعى عليه بينة على إقرار العبد أنه لاحق له في الدار ليبطل بينة العبد وحقه، فإن جاء مولاه بعد ذلك، وقال: عبدي استحق الدار بالبينة ولست أجيز إقراره، لأنه كان محجوراً عليه، فإنه يقال له أعد البينة على المدعى عليه، فإن أعادها (و) استحقها وما لا فلا.
رجل ادعى داراً في يدي رجل أن أباه مات وتركها ميراثاً له ولأخيه فلان، وأخوه منكر دعواه، ويزعم أنه لا شيء له من الدار، فأقام المدعي البينة على دعواه وقضى له بنصف الدار، ثم رجع أخوه إلى تصديقه، لم يقض له بشيء، فإن جاء غريم للميت بعد