قال في كتاب «الأقضية» رجل عليه مال لرجل شهد ابنا المطلوب أن الطالب أبرأ أبانا عنه، أو احتال به على فلان والطالب منكر، فنقول: لا شك أن شهادتهما بالإبراء لا تقبل؛ لأنهما يشهدان للأب، وأما الشهادة بالحوالة، فإن كانت الحوالة بغير أمر لا تقبل؛ لأنهما شهدا بإبراء الأب بغير عوض؛ لأن الحوالة إذا كانت بغير أمر حتى أدى المحتال عليه المال لا يرجع على الأصيل بشيء، وإن كانت الحوالة بأمر، فقد تردد بين أن تكون شهادة لأبيهما وبين (حيث) أن يرجع المحتال عليه عند الأداء إن لم يكن له على المحتال عليه دين، ويسقط دينه عن المحتال عليه إن كان له دين عليه كانت شهادة على أبيهما، فيعتبر فيه الدعوى والإنكار للرد والقبول، هكذا ذكر في كتاب «الأقضية» : وعندي أن الشهادة لا تقبل في هذه الصورة ادعى الأب أو جحد، إن ادعى فلأن هذه شهادة للأب، وإن جحد فلأن هذه شهادة خلت عن الدعوى.
ولو كان المال على غير أبيهما، فشهدا أن الطالب احتال به على أبيهما والطالب ينكر، والمطلوب يدعي، إن كانت الحوالة بغير أمر تقبل شهادتهما؛ لأن هذه شهادة على أبيهما، فإنه لا رجوع له عند الأداء، وإن كانت الحوالة بأمر فقد تردد بين أن تكون شهادة لأبيهما أو على أبيهما، فإن ادعى لا تقبل شهادتهما، وإِن أنكر تقبل.
وفي «نوادر ابن سماعة» عن محمد: رجل باع داراً ولم يقبضها المشتري حتى جاء شفيع الدار وخاصم فيها، فشهد ابنا البائع أن المشتري قد سلم الدار للشفيع بشفعته، ثم اشتراه منه بالثمن لا تقبل شهادتهما، أما على قول من لا يرى بيع العقار قبل القبض، فلأنهما بهذه الشهادة يدفعان خصومة الشفيع عن أبيهما؛ لأن الخصم في الشفعة قبل قبض البائع، ولهذا كانت العهدة عليه. وكذلك لو شهدا أن الشفيع سلم الشفعة في الدار لا تقبل شهادتهما لما ذكرنا، وهذا إذا دعي الأب ما شهدا به، فأما إذا جحد ما شهدا به تقبل شهادتهما، لأنهما يشهدان على الأب بوجوب تسليم الدار إلى المشتري، فكانت شهادة على أبيهما من هذا الوجه، ولو كان المشتري قبض الدار من البائع، ثم شهد ابنا البائع على تسليم المشتري الدار إلى الشفيع بشفعة لا تقبل شهادتهما؛ لأنهما بهذه الشهادة يريدان تنفيذ العهدة عن أبيهما، فكانا شاهدين لأبيهما، وسواء ادعى البائع ما شهدا به أو جحد ذلك، لأن تسليم المشتري للدار إلى الشفيع محض منفعة في حق البائع، لا يشوبه ضرر.
وإِن شهدا أن الشفيع سلم الشفعة في الدار للمشتري تقبل الشهادة؛ لأن هذه الشهادة على الأب بتقريب العهدة إليه.
قال في كتاب «الحوالة» : رجلان عليهما مال لرجل أحالا به على غريم لهما، وجحد الطالب الحوالة، فشهد على الطالب ابناه أو أبواه أو أمه أو امرأته قبلت شهادتهم؛ لأن هذه شهادة على الطالب بسقوط مطالبته عن الأولين، فلم تتمكن التهمة في شهادتهم فقبلت.
ولو شهد ابنا المطلوبين الأولين، فإن ادعى أبوهما ذلك لا تقبل شهادتهما، وإن