للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعتبر الكون الثابت للحال باستصحاب الحال لإثبات ما لم يكن ثابتاً، بل يعيده لإبقاء ما كان ثابتا له من الملك والمالكية جميعاً، بخلاف ما نحن فيه.

وليس كمسألة الشراء لأن ملك المشتري مضاف الى الشراء الثابت بالبينة لا إلى بقاء ملك البائع في البيع الثابت له وقت الشراء باستصحاب الحال، وإن كان لابد لإثبات ملك المشتري من بقاء ملك البائع إلى يوم الشراء أحدهما: وجود، أو أنه لا يوجد حكماً لبقاء ملك البائع يوم الشراء، وإنما يوجد بالمباشرة عن اختيار، وإنه للملك فإنه موضوع كذلك، ألا ترى أنه لا يتحقق من غير إيجاب الملك فيكون الملك الثابت للمشتري مضافا إلى الشراء الذي ثبت بالبينة، لا إلى بقاء ملك البائع الثابت باستصحاب الحال، وما ثبت بالبينة يصلح لإثبات ما لم يكن ثابتاً.

وأما معنى ثبوت الملك للوارث مضاف إلى كون المال ملكاً للميت وقت الموت، لا إلى الموت الثابت معاينة، لأن الموت ليس بسبب للملك، فإنه موضوع لإبطال الحياة لا لإيجاب الملك حتى يتحقق من غير إيجاب ملك لأحد، وبقاء ملك الميت إلى يوم الموت فيما نحن فيه ثابت باستصحاب الحال لأن الشهود لم يشهدوا بذلك (١٣٠ب٤) والثابت باستصحاب الحال لا يصلح لإثبات ما لم يكن ثابتاً إن صلح، لإبقاء ما كان ثابتاً.

وأما مسألة الإقرار قلنا: الملك الثابت للوارث هناك مضاف إلى إقرار ذي اليد الثابت بالبينة لا إلى بقاء ملك أبيه يوم الموت الثابت باستصحاب الحال، وإن كان لابد للميراث من الأمرين جميعاً كما في الشراء إلا أن الإقرار أحدهما: وجود أو أنه يصلح سبب ملك من وجه لأنه تمليك من جهة المقر إن كان إخباراً من وجه، ولهذا لا يصلح إذا لم يعد للمقر له ملكاً والإقرار ثابت بالبينة والثابت بالبينة يصلح لإثبات ما لم يكن تاماً، فأما ما ملك الوارث مضاف إلى كون هذه الدار ملكاً للأب يوم الموت لا إلى الموت الثابت معاينة، وكون هذا المال لأبيه يوم الموت ثابت باستصحاب الحال، وأنه لا يصلح لإثبات ما لم يكن ثابتاً فهذا هو الفرق بين هذا وبين الإقرار.

فإذا شهد أنها لأبيه لا تقبل هذه الشهادة، ذكر محمد رحمه الله المسألة في كتاب «الدعوى» من غير ذكر خلاف، وقد اختلف المشايخ فيه، من قال: المسألة على الخلاف على قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله: تقبل لأنهم شهدوا بالملك للميت والثابت للوارث عين ما كان ثابتاً للمورث.g

والحاصل: أن أبا يوسف اعتبر جانب الملك ولا استحالة في جانب الملك، وهما اعتبرا جانب المالكية فقالا: أثبتنا المالكية للميت في الحال ولا مالكية للميت في الحال فكانت هذه شهادة بالمستحيل، ومنهم من قال: لا تقبل هذه الشهادة بلا خلاف وإليه ذهب الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله فكان يقول بأن محمداً رحمه الله ذكر كلا الفصلين في «الكتاب» ثم خص رجوع أبي يوسف في مسألة الكون للميت، ولو كان الخلاف فيهما واحداً لذكر رجوعه فيهما، فعلى هذا: أبو يوسف يحتاج إلى الفرق

<<  <  ج: ص:  >  >>