للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحد منهما فخرجت البينتان من البين، وموت كل واحد منهما قد ظهر والتاريخ بينهما ليس بمعلوم، فيجعل كأنهما ماتا معاً في الغرقى والحرقى، ولو ماتا معاً لا يرث أحدهما من صاحبه، ويجعل مال كل واحد منهما لورثته كذا ههنا، بخلاف ما إذا لم يكن في يد ابن الأخ شيء من تركة أبيه، لأن هناك ترجحت بينة ابن الأخ بكثرة الإثبات أما ههنا بخلافه.

قال في «الأصل» أيضاً: لو أقام رجل البينة على ميراث رجل أنه مات سنة خمسين وأنه ابنه ووارثه لا وارث له غيره وقضى القاضي بذلك، ثم أقامت امرأة البينة أنه زوجها سنة إحدى وخمسين، ومات بعد ذلك ذكر أنه تقبل بينة المرأة وتشارك الابن في الميراث ويقضي لها بالمهر هكذا ذكر، ويجب أن لا تقبل بينة المرأة؛ لأن العمل بالبينتين جميعاً متعذر لأن الابن أثبت موت أبيه سنة خمسين وقضى القاضي بذلك، وإذا صار موته مقضياً به في سنة خمسين، لا يتصور أن يكون مقضياً به في سنة إحدى وخمسين، لأن الموت مما لا يتكرر، وكل واحدة منهما في الإثبات مثل صاحبتها؛ لأن كل واحد من البينتين أثبت موت مورثه وسبب وراثته من الميت، وهو النسب والنكاح فكان يجب أن تترجح الأولى بإيصال القضاء بها، لما تعذر العمل بها قياساً على ما إذا أقامت امرأة بينة أنه تزوجها يوم النحر بمكة وقضى القاضي بذلك، ثم أقامت امرأة أخرى بينة أنه تزوجها يوم النحر بخراسان، قال: لا تقبل البينة الثانية وتترجح الأولى باتصال القضاء بها؛ لأن كل واحدة منهما في الإثبات مثل صاحبتها والعمل بها متعذر لأن الشخص الواحد في يوم واحد لا يكون بمكة وخراسان، فترجحت الأولى باتصال القضاء بها فكذا هذا.

والدليل عليه: ما لو كان مكان الموت قتلاً لو أقام الابن البينة أن فلاناً قتل أباه سنة خمسين وأنه ابنه ووارثه وقضى القاضي بذلك، ثم جاءت امرأة وأقامت البينة أنه تزوجها سنة إحدى وخمسين ثم قتله فلان بعد ذلك؛ فإنه لا تقبل بينة المرأة وتترجح الأولى باتصال القضاء بها لأن كل واحدة منهما في الإثبات مثل الأخرى والعمل بهما متعذر، فترجحت الأولى باتصال القضاء بها.

إلا أن الجواب عنه، وهو الفرق بين مسألة الموت والقتل، وبين مسألة مكة وخراسان، أن يقال: بأن البينة الأولى إنما ترجحت بالقضاء في مسألة القتل؛ لأن القتل صار مقضي به بالبينة الأولى لأن القاضي قضى بالضمان على القاتل فلا بد للقضاء بضمان القتل من القضاء بالقتل لأنه سببه، كما لا بد للقضاء بالملك بالشراء من القضاء بالشراء؛ لأن الشراء مسببه.

وإذا صار القتل مقضياً به ضرورة القضاء بضمان القتل صار التاريخ معه مقضياً به لأن القتل لابد وأن يكون في الزمان كما في الشراء، وإذا صار القتل مقضياً به في سنة (١٣١ب٤) خمسين لم يتصور ثانياً في سنة إحدى وخمسين؛ لأنه لا يتكرر فترجحت الأولى بالقضاء لهذا، وكذلك كون المتزوج بمكة في مسألة مكة وخراسان صار مقضياً به مع النكاح وإن لم يكن كونه بمكة سبباً للاستحقاق، بل سبب الاستحقاق هو النكاح لأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>