للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحق، ويحتمل باطل وعلى كلا الوجهين لا يجوز؛ لأنه لم يوجد إشهادهما وتحميلهما شهادة بالمال، وكذلك إذا قال الأصلان: نشهد أن لفلان على فلان كذا، فاشهدا أنا نشهد بذلك، أو قالا: فاشهدا علينا أنا نشهد بذلك لفلان على فلان كذا فاشهدا أنا نشهد بذلك، أو قالا: فاشهدا علينا أنا نشهد بذلك لفلان على فلان، كان ذلك باطلاً؛ لأن قول الأصلين: فاشهدا أنا نشهد بذلك عليه، يحتمل الاستقبال يعني اشهدا أنا نشهد في الزمان الثاني بذلك، فيكون هذا أمراً بالشهادة أنه وعد أن يشهد، لا أن يكون هذا إشهاداً على الشهادة.v

وقال أبو يوسف رحمه الله في «الأملاك» : أقبل ذلك.

ووجهه: أن المقصود من هذه الشهادة على الشهادة فلو اعتبرنا المقصود يصح تصرفهما، ولو اعتبرنا الحقيقة يبطل تصرفهما وكلام العاقل محمول على الصحة ما أمكن وإن قال الأصلان للفرعين: نشهد أن فلاناً أشهدنا أن لفلان عليه ألف فاشهدا على شهادتنا بذلك، فشهد الفرعان بما وصفت لك، وقد غاب الأصلان فشهادة الفرعين جائزة؛ لأنه موافق للفظ المنصوص الوارد في باب الشهادة على الشهادة، لأن قوله على شهادتنا لبناء الشهادة عليه، كما تقول شهد على إقراره وما أشبه ذلك، وصورة الشهادة على الشهادة وتفسيرها ليس إلا هذا.

وفي «نوادر ابن سماعة» عن محمد: إذا قال الفرع: أشهد أن فلاناً أشهدني أنه يشهد بكذا، أو قال: أشهدني فلان أنه يشهد بكذا، فهو باطل لانعدام اللفظ المنصوص الوارد في باب الشهادة على الشهادة.

قال الخصاف رحمه الله في «أدب القاضي» : وإذا شهد الرجلان عند القاضي على شهادة رجل وصححا الشهادة، فينبغي للقاضي أن يسألهما عن عدالة الذي شهدا على شهادته، ولم يشترط محمد رحمه الله في «المبسوط» هذا، فهو أن يسألهما القاضي عن عدالة الأصول، وإنما عرف هذا من جهة الخصاف، وهذا لأن القاضي إنما يقضي بشهادة الفروع إذا كان الأصل عدلا، أما إذا لم يكن فلا ينبغي للقاضي أن يسأل عن ذلك حتى يعرف أيجوز له القضاء بشهادة الفروع فيلتفت إليها أو لا يجوز، فلا يلتفت إليها؟ فإن قالا: هم عدول، أثبت ذلك في موضع شهادتهما في المحضر، فإن كان القاضي لا يعرفهما بالعدالة يعني الفرعين سأل عنهما فإن عدلا تثبت عدالة الأصل أيضاً، هكذا ذكر في ظاهر الرواية.

وروي عن محمد: أن تعديلهما الأصل لا يكون صحيحاً، وهكذا روي عن أبي يوسف لأن الفرع نائب عن الأصل فتعديله الأصل يكون بمنزلة تعديل الأصل نفسه، والأصل لو عدل نفسه لا يكون هذا التعديل صحيحاً، فكذلك الفرع إذا عدله لا يعتبر، وجه ظاهر الرواية وذلك لأن الفرع نائب عن الأصل في نقل عبارته إلى مجلس القاضي فكما نقل عبارته إلى مجلس القاضي فقد انتهى حكم الأمانة، وصار هو بمنزلة سائر الأجانب، فكما أن التعديل من سائر الأجانب يكون صحيحاً، فكذلك التعديل من الفروع ينبغي أن يكون معتبراً، وهذا لأن الشهادة على الشهادة إنما تعرف بقول الفروع، فأما

<<  <  ج: ص:  >  >>