للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاضي لا يعرف الأصول وربما لا يظفر بمن يعرف الأصول لأن الشهادة على الشهادة غالباً إنما تكون من بلدة إلى بلدة فلو لم يعتبر تعديل الفروع يؤدي إلى تعطيل الحقوق، وإنما جعل الشهادة على الشهادة حجة صيانة لحقوق الناس (١٣٤ب٤) عن التعطيل وهذا المعنى يقتضي اعتبار تعديل الفروع فإن قالوا: هم ليسوا بعدول، فالقاضي لا يقضي بشهادتهما، وإن قالا: لا نعرفه، ذكر الخصاف: أن القاضي لا يقضي بشهادتهما، وكذلك إذا قالا: لا نخبرك، لأنهما حملا شهادتهما ولم يعدّلا الأصول، فكأنهما لم يصدقاهم فيما شهدوا به؛ لأن دليل الصدق العدالة فصار كأنهما قالا: إنا نتهمها في الشهادة، ولو قالا هكذا فالقاضي لا يقبل شهادتهم فكذلك هذا.

وذكر الشيخ الإمام الأجل شمس الأئمة الحلواني: أن القاضي يقبل شهادتهما ويسأل الأصل، وهكذا روي عن أبي يوسف رحمه الله، وهو الصحيح لأن الأصل بقي مستوراً وينبغي أن يذكر الفرع اسم الشاهد الأصل واسم أبيه وجده، ذكر القاضي أبو علي النسفي رحمه الله في «شرحه» : وإذا قضى القاضي بشهادة الفروع يجب أن يكتب في السجل أسماء الأصول ذكره الخصاف في «أدب القاضي» ، وفي «الأصل» .

وتجوز الشهادة على الشهادة في كتب القضاء وصورتها: أن يكتب القاضي كتاباً إلى قاض آخر لحقٍ من الحقوق، وأشهد على كتابه شاهدين ثم بدا للشاهدين عذر، فأشهدا على شهادتهما شاهدين.

وإذا أراد الرجل أن يشهد غيره على شهادته ينبغي أن يحضر الطالب والمطلوب ويشير إليهما، وإن أراد أن يشهد عند غيبتهما ينبغي أن يذكر اسمهما ونسبهما؛ وهذا لأن الشهادة عند الشاهد ليتحمل الشهادة بمنزلة أداء الشهادة عند القاضي ليقضي به، وكما أن في الشهادة عند القاضي يعتبر الإعلام بأقصى ما يمكن، فكذلك يشترط هذا المعنى عند الشاهد ليتحمل عنه الشهادة إلا أنه إذا كان المشهود عليه غائباً فذكر الاسم والنسب يجوز الإشهاد ولا يكفي هذا القدر للقضاء؛ لأن القضاء للإلزام والإلزام على الغائب لا يتحقق، فلا بد من الخصم للإلزام عليه بالبينة، والقضاء بخلاف الإشهاد على الشهادة؛ لأن الشهادة ليست بموجبة شيئاً ما لم يتصل بها قضاء القاضي فلا يتحقق فيه معنى الإلزام على الغائب.

فقلنا: بأنه إذا نفي الاسم والنسب فإنه يجوز، وفي «المنتقى» : إذا قال الشاهد لغيره: اشهد ولم يقل على شهادتي لم يجز، وقال أبو يوسف رحمه الله: يجوز؛ لأن معناه اشهد على شهادتي، وكذلك لو قال: فاشهد بذلك، ومعنى المسألة أن يحكي الرجل لغيره شهادة نفسه في حادثة لرجل على رجل فقال له: اشهد أو قال: فاشهد بذلك.

وفي «نوادر ابن سماعة» عن أبي يوسف: إذا شهد شاهدان على شهادة شاهدين فقالا: نشهد أن فلاناً أشهدنا أنه يشهد أن لفلان على فلان كذا، ولم يقولا: أشهدنا على شهادته، وقال أبو حنيفة رحمه الله: لا أقبل ذلك حتى يقولا: أشهدنا على شهادته، وقال

<<  <  ج: ص:  >  >>