(١٣٦ب٤) افترقا وذكر عين هذه المسألة في «المنتقى» .
وذكر عن أبي حنيفة رحمه الله: إني أقضي بنصف الدين في حصة النصراني وأبطل النصف، وذكر عن أبي يوسف رحمه الله أني أقضي بذلك في حصة النصراني، ولا أقضي على المسلم بشيء وتبين بما ذكر في «المنتقى» أن المذكور في قول أبي يوسف ومحمد وستأتي هذه المسألة بعد هذا إن شاء الله تعالى.
قال محمد رحمه الله في «الجامع» : مسلم ادعى أن فلاناً النصراني مات، وأوصى إليه وأقام شهوداً من نصارى فإن أحضر غريماً نصرانياً قبلت الشهادة عليه قياساً واستحساناً، وعدى إلى غيره لما نبين بعد هذا في الوكالة، وأما إذا أحضر غريماً مسلماً، القياس: أن لا تقبل شهادتهم عليه، وهو قول محمد رحمه الله أولاً وفي الاستحسان تقبل.
وجه القياس: أن هذه شهادة الكافر على المسلم مقصوداً فلا تقبل، وجه الاستحسان: ما أشار إليه محمد في «الكتاب» : أن موت النصارى لا يحضره المسلمون، ومعنى هذا الكلام أن الإيصاء غالباً إنما يكون حالة الموت في دورهم، والمسلمون لا يحضرون دورهم عند موتهم غالباً، فلو لم تقبل شهادتهم على المسلم في إثبات الموت والإيصاء أدى إلى ضياع حقوقهم المتعلقة بالموت والإيصاء فتقبل إحياءً لحقوقهم، وإن كان الإحياء قد يحصل بحضرة المسلمين اعتباراً للغالب، ألا ترى أن شهادة النساء فيما لا يطلع عليه الرجال صارت حجة للضرورة، وإن كان الحادثة بحال يجوز للرجال حضور تلك الحادثة لتحمل الشهادة اعتباراً للغالب، كذا هاهنا والذي بينا من الجواب في الوصاية فهو الجواب في النسب، حتى لو أقام نصراني بينة من النصارى، أن فلاناً مات وأنه ابنه ووارثه لا يعلمون وارثاً غيره وأحضر غريماً للميت كافراً، تقبل شهادتهم قياساً واستحساناً، فإن أحضر غريماً مسلماً، القياس: أن لا تقبل لما مر، وفي الاستحسان تقبل؛ لأن النسب إنما يثبت بالفراش والفراش إنما يثبت بالنكاح ونكاح أهل الذمة إنما تكون في دورهم غالباً ولا يحضره المسلمون في الغالب فلو لم تقبل شهادتهم أدى إلى تضييع حقوقهم المتعلقة بالنسب.
ولو أن مسلماً أدى وكالة من نصراني بكل حق له بالكوفة وأحضر غريماً مسلماً وأقام عليه شهوداً نصرانياً لا تقبل؛ لأن هذه (شهادة) نصراني قامت على المسلم مقصوداً فلا تقبل، فرق بين الوصاية والوكالة، والفرق ما ذكرنا: أن الإيصاء غالباً يكون حالة الموت في دورهم والمسلمون لا يحضرون دورهم عند موتهم غالباً، فقبلنا شهادتهم صيانة لحقهم عن البطلان، أما الوكالة فتقع خارج دورهم غالباً، والمسلمون يخالطوهم خارج دورهم، فأمكن إشهاد المسلمين عليها، فلا ضرورة إلى قبول شهادة أهل الذمة، فإن أحضر نصرانياً قبلت شهادتهم لكونها حجة على النصراني، وإذا قبل القاضي هذه الشهادة وقضى له بالوكالة كان ذلك قضاءً على جميع الغرماء من المسلمين وغيرهم، حتى لو أحضر غريماً مسلماً بعد ذلك، وهو يجحد وكالته، لم يكلفه القاضي إقامة البينة على