للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوكالة في حق جميع من كان بالكوفة لما مر قبل هذا، وقد يثبت الشيء ضرورة غيره، وإن كان لا يثبت مقصوداً بينته، كعزل الوكيل لا يثبت حال غيبة الوكيل مقصوداً، ويثبت ضرورة نفاذ بيع ما يوكل ببيعه كذا هاهنا.

قال ابن سماعة عن محمد رحمه الله: في رجل مات وترك ابنين، أحدهما مسلم والآخر نصراني، فقال المسلم منهما: أسلم أبي قبل موته وأنا وارثه، وقال النصراني: إنه لم يسلم وأنا وارثه، فالقول قول النصراني منهما؛ لأنه عرف كونه كافراً، فالنصراني تمسك بالأصل وهو بقاء الكفر، والمسلم يدعي زواله بالإسلام، فكان القول قول من يدعي البقاء، ولأن اختلاف الدينين مانع من جريان الإرث وقد عرف وجود، فإذا ادعى الابن المسلم الإسلام فقد ادعى زوال المانع، والابن ينكر، والقول قول المنكر ولكنه يصلي على الميت بإخبار الابن المسلم أنه أسلم لأنه أخبر بخبر ديني وهو وجوب الصلاة عليه، وخبر المسلم الواحد في أمور الدين مقبول، فيصلي عليه وليس من ضرورة الصلاة عليه ثبوت استحقاق الميراث للابن المسلم، لأنه ينفصل أمر الصلاة عن الميراث في الجملة فلم يكن من ضرورة استحقاق الميراث للابن المسلم، ولو أقام المسلم نصرانيين أنه مات مسلماً وأقام النصراني مسلمين أو نصرانيين أنه مات نصرانياً قضيت بالميراث للمسلم منهما، أما إذا أقام النصراني نصرانيين؛ لأن الابن المسلم أقام ما هو حجة على النصراني، والابن النصراني أقام ما ليس بحجة على الابن المسلم، وأما إذا أقام النصراني مسلمين؛ فلأنه وإن أقام ما هو حجة على المسلم ولكن مع هذا ترجحت بينة المسلم لوجهين.

أحدهما: أن البينات للإثبات وبينة المسلم تثبت أمراً حادثاً وهو الإسلام ويثبت استحقاق الميراث للابن المسلم وبينة النصراني تنفي ذلك، فلهذا جعلنا القول قول الابن النصراني، لأنه ينفي استحقاق الابن المسلم، فتكون البينة بينة المسلم؛ لأنه يثبت الاستحقاق لنفسه.

الوجه الثاني: أن الإسلام أقوى قال عليه السلام: «الإسلام يعلو ولا يعلى عليه» فكان الترجيح لبينة المسلم من هذه الوجوه، ولهذا قلنا: إن المولود بين مسلم وكافر يكون مسلماً تبعاً للمسلم بهما لقوة الإسلام، كذا بهذا، وأما حكم الصلاة فإنه يصلى عليه لا بالشهادة فإن الشهود نصارى فلا تقبل شهادتهم في الأمور الدينية، والصلاة أمر ديني، ولكن لإخبار الابن المسلم بإسلامه، وخبره حجة في حق الصلاة عليه كما ذكرنا، فإن كان للميت بنون صغار ورثتهم عن الميت مع ابنه المسلم، وجعلتهم مسلمين؛ لأنه لما قضى بالميراث للابن المسلم بالبينة فقد قضى بإسلام الأب لا محالة ليمكن توريث

<<  <  ج: ص:  >  >>