قال في «المنتقى» : وإذا شهد رجل على امرأته مع آخر أنها ارتدت والعياذ بالله، وهي تجحد وتقر بالإسلام فرقت بينهما وجعلت عليه نصف المهر إن لم يكن دخل بها، قال: أقبل شهادة الزوج في الردة، ولا أبرئه عن المهر وأجعل جحودها للردة وإقرارها بالإسلام توبة، ولو شهدا عليه أنها أسلمت وهي تجحد، وأصل دينها كان النصرانية قبلت شهادتهما على الإسلام وأجعل جحودها وبيانها على النصرانية ردة ولا يبرأ من نصف المهر.
وفيه أيضاً: مسلم قال: إن دخل عبدي هذه الدار فهو حر، وقال نصراني: إن دخل هذا العبد هذه الدار فامرأته طالق، فشهد نصرانيين أنه دخلها بعد اليمينين، فإن كان العبد مسلماً لا تقبل هذه الشهادة، لأنهما شهدا على فعل مسلم، وإن كان العبد نصرانياً قبلت الشهادة على طلاق المرأة، ولا تقبل على عتق العبد، وهذا بناء على ما مر أن شهادة النصراني حجة في حق النصارى، وليست بحجة في حق المسلمين.
قال ابن سماعة عن محمد رحمهما الله في النصرانيين شهدا على مسلم ونصراني أنهما قتلا مسلماً عمداً، قال: لا أجوز شهادتهما على المسلم وأدرأ عن النصراني القتل، وأجعل عليه الدية في ماله، أما لا تقبل شهادتهما على المسلم فظاهر، وأما درء القتل عن النصراني؛ لأن القتل واحد ولم يثبت في حق المسلم لقصور الحجة، فتورث الشبهة في حق الكافر والقصاص لا يستوفى مع الشبهات، قال: وأجعل عليه الدية في ماله، لأن الشهادة على قتلهما ليست بشهادة على اشتراكهما في جرح واحد، لكن هذه شهادة على جرح موجود من الكافر، وجرح من المسلم، فإذا شاهدا ظهور الموت عقيب الجرحين كان لهما أن يشهدا عليهما بالقتل، فأقصى ما في الباب: أن الجرح من المسلم لم يثبت لقصور الحجة، ولكنه قد تكاملت الحجة على الكافر، فيثبت جرحه، وظهور الموت عقيبه وتعذر إيجاب القصاص به للشبهة فوجبت الدية، ثم تجب الدية في ماله، لأن المشهود به القتل العمد، والعاقلة لا تعقل العمد.
قال ابن سماعة عن محمد رحمهما الله: في مسلم ادعى على مسلم ونصراني ألف درهم من ثمن متاع باعه منهما، وأن كل واحد منهما كفيل عن صاحبه وأقام شاهدين من النصارى عليهما بذلك، قبلت بينته على النصارى ويأخذ منه جميع الألف، ولا يرجع النصراني بذلك على المسلم، وإنما تقبل بينته على النصراني؛ لأن بينته حجة في حقه، ويأخذ منه جميع الألف، النصف بحكم الأصالة لقيام الحجة عليه، والنصف بحكم الكفالة؛ لأن هذه البينة تقتضي ثبوت الألف كلها عليهما، إلا أنها إن لم تعمل في حق المسلم؛ لأنها ليست بحجة عليه، أما هي حجة على الكفيل، فيعمل في حق الكفيل فيثبت المال عل المسلم فيما يرجع إلى استحقاق المطالبة والأخذ من يد الكفيل، وإن كان لا يثبت فيما يرجع إلى استحقاق مطالبة المسلم الأصيل والأخذ من يده.
واستشهد في «الكتاب» فقال: ألا ترى أن رجلاً لو ضمن مالاً على رجل، والمدعى عليه ينكر المال، ولم تقم عليه بينة أن الضمان جائز؟ لأن شرط صحة الضمان