يختص الميت، وهذه الشهادة حجة في حقه ولا أعطيه شيئاً مما في يد الابن المسلم، لأنها ليست بحجة في حقه، فلا يجوز استحقاق شيء مما في يد المسلم بشهادتهم.
استشهد بمسألة الغريمين، أحدهما مسلم والآخر ذمي، وأقاما بينة بدين لهما على ميت ذمي من أهل الذمة، أنه يقبل بينتهما في حق المديون الميت وأما في حق المزاحمة فلا تقبل بينة الذمي على المسلم، لأنها ليست بحجة في حقه، وإن خرج للميت النصراني مال فضل على دين المسلم، كان للغريم الذمي، لأن مزاحمة المسلم انقطعت فبقي هذا المال للذمي وهذه البينة حجة في حقه.
وكذلك أمر الابنين الوارثين أحدهما ذمي والآخر مسلم بعد موت المورث إذا لم تكن بينة الذمي حجة على المسلم، وأنهما حجة في حق الميت الذمي الذي ثبت بسبب الذمي من الميت بهذه البينة؛ لأنها حجة في حقه، ولكن لما لم تكن حجة في حق المسلم لم يكن له حق مشاركته.
فرع على ما إذا كان الابن واحدا
قال: وإن خرج للميت مال كان ذلك كله للمسلم؛ لأن وراثته ثابتة (١٣٧ب٤) مطلقاً ووراثة الذمي غير ثابتة في حق الابن المسلم، فلا يكون له أن يشاركه فيه، قال: فإن مات المسلم ورث أخاه يريد به أن بعدما مات الابن المسلم فميراث الميت الذمي للابن الذمي؛ لأن نسبه لما ثبت من الميت ثبتت وراثته، إلا أنها لم تظهر في حق المسلم لمزاحمته إياه، فإذا مات انقطعت مزاحمته فورث هذا الابن. قال ابن سماعة: إنما لا يكون للابن الذمي حق المزاحمة مع الابن المسلم في هذه المسألة إذا أسلم قبل أن يثبت نسب الابن الذمي، أما لو ثبت نسبه قبل إسلامه بهذه البينة كان له مزاحمة الابن المسلم؛ لأنه حال ما أقام البينة هو في مثل حال ذمي فيقبل بينة أهل الذمة عليه فكان له أن يشاركه، فأما بعدما أسلم لم يثبت حق المشاركة بهذه البينة؛ لأنها ليست بحجة في حقه.
ولو مات مولى النصراني الميت ولم يمت الابن، فإني أجعل ميراثه من المسلم والنصراني. قال ابن سماعة: يعني إذا كان أسلم بعد موته، قال: لأن هذا مال حدث الساعة وليس بمنزلة مال تركه النصراني ميراثاً، أشار إلى ما ذكرنا أن بينة النصراني مقبولة في حق الميت حتى يثبت نسبه منه، وإنما لم يشاركه الابن المسلم فيما قبض؛ لأن هذه البينة ليست بحجة عليه، فبقي ما أخذه الابن المسلم لا يظهر وراثته في حقه حتى لا يكون قضاء على المسلم بشهادة النصراني، فأما فيما سواه فالتركة مبقاة على حكم ملك الميت قبل القسمة على ما عرف في موضعه، فكانت هذه شهادة على الميت وإنما يستحق بها مال الميت، وشهادة أهل الذمة حجة في حقه، وكذلك إنما يرث من مولى النصراني بحكم الولاد أنه ثابت له بهذه البينة، فهذه الشهادة حجة في حقه؛ لأنه ذمي مثله فصلح أن يكون مستحقاً لميراثه بهذه البينة، وهذا استحقاق عليه لا على الابن المسلم لما قلنا، فلهذا كان ميراثه بينهما، وإنما فسره ابن سماعة بأنه أسلم بعد موته؛ لأنه لو كان أسلم قبل موته لا يرث منه لاختلاف دينهما.