للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو كان أحد الغرماء كافراً شهد له مسلمان، والآخران مسلمان شهد لأحد المسلمين مسلمان، وللمسلم الآخر كافران، فإن ثمن العبد يقسم بين المسلم الذي شهد له مسلمان وبين الكافر نصفين لاستوائهما، فإن كل واحد منهما أقام ما هو حجة على صاحبه، ثم يدخل المسلم الذي شهد له الكافران على الكافر، فيأخذ منه نصف ما في يده، لأن حجة كل واحد منهما حجة على صاحبه فيستويان في الاستحقاق.

ولو كان العبد مسلماً والمولى كافراً وأحد غريمي العبد مسلم شهد له كافران والغريم الآخر كافر شهد له مسلمان، فإنه يقضي للكافر دون المسلم لأن الكافر أقام ما هو حجة على العبد؛ لأن العبد مسلم وشهود الكافر مسلمون، والمسلم أقام ما ليس بحجة على العبد؛ لأن شهود المسلم كافران وليس للمسلم أن يشارك الكافر ويقول: شهودي حجة عليك كما فيما تقدم من المسائل؛ لأن المشاركة إنما تكون بعد ثبوت أصل الدين، وفي المسألة المتقدمة أصل الدين ثابت على العبد لأنه كافر وشهادة الكفار على الكافر حجة وفي هذه المسألة أصل الدين غير ثابت لأن العبد مسلم وشهادة الكفار على المسلم ليست بحجة.

ولو كان العبد مسلماً محجوراً عليه والمولى كافراً كان بمنزلة ما وصفت، يعني لا تقبل شهادة الكافر على العبد فيقضي للكافر الذي شهد له مسلمان ولا يقضي للمسلم الذي شهد له كافران، وهذا يشكل لأن المولى في العبد المحجور عليه هو المقضي عليه والضرر راجع عليه والمولى كافر فيكون شهادة الكفار حجة عليه ولكن الوجه في ذلك أن هذه الشهادة على إثبات فعل المسلم لا تقبل وقد مر هذا.

ولو كان العبد المحجور كافراً والمولى مسلماً فأقام مسلم ذميين على العبد بغصب ألف درهم، وأقام ذمي مسلمين عليه بغصب ألف درهم، فإن القاضي يقضي بثمن العبد للذمي؛ لأن الذمي أقام ما هو حجة على العبد وعلى المولى، فأما المسلم أقام ما ليس بحجة على المولى، والمقضي عليه في المحجور هو المولى.

قال: ثم إذا قبض الكافر دينه يشاركه المسلم فيما قبض؛ لأن أصل دينه قد ثبت على العبد، لأن شهوده حجة على العبد وعلى شريكه الذمي، فيثبت له حق المشاركة مع الذمي، لأن أصل دينه لم يثبت، لأن الخصم فيه المولى، وهو مسلم وصار هذا نظير العبد المأذون المسلم إذا شهد عليه كافران لمسلم بدين ألف درهم، وشهد عليه مسلمان لكافر بدين ألف وقضى القاضي بدين الكافر، وإذا قبض الكافر دينه فليس للمسلم أن يشاركه فيما يقبض؛ لأن دين المسلم لم يثبت، لأن العبد مسلم وشهود المسلم كفار.

والجواب عن هذا الطعن وهو الفرق بين المسألتين: أن في تلك المسألة العبد مسلم وشهود المسلم كفار، وشهادة الكافر ليست بحجة على المسلم، فلم يثبت دون المسلم على العبد، ولم يستحق المسلم شيئاً من كسبه، فلا يثبت للمسلم حق المشاركة في الكسب إنما يثبت بعد استحقاق الكسب بناء على ثبوت الدين على العبد، أما هاهنا العبد كافر، فأمكن القول بثبوت الدين على العبد، إلا أنه لا يقضى للمسلم بالمشاركة في

<<  <  ج: ص:  >  >>