قبلت، لأن الابن مسلم إنما لم يفعل كذلك؛ لأن الغريم الأول لما استحق ألف بما هو حجة على الابن المسلم خرجت تلك الألف من أن تكون لذلك الابن فيه حق، فكان هذا استحقاقاً على الغريم لا على الابن، والغريم كافر فتقبل هذه الشهادة عليه.
فإن أذن المسلم لعبده الذمي في التجارة، فادعى عليه مسلمان كل واحد منهما ألفاً وأقام أحدهما مسلمين والآخر ذميين، فإن القاضي يقضي بالدين كله؛ لأن هذا قضاء على العبد وإنه كافر وقد أقام كل واحد منهما ما هو حجة عليه، ولكنه يبدأ فيوفي الذي شهد له المسلمان؛ لأن شهادة شهود المسلمين حجة على العبد وعلى صاحبه، وشهادة شهود صاحبه ليست بحجة عليه، لأنه مسلم وهو كافر، فلم (يجب أداء) دين صاحبه في حق مزاحمته، فإن فضل شيء كان للذي شهد له الكافر لأنه ثبت دينه على العبد فيستوفيه منه، فإن صدق العبد للذي شهد له الكافران اشتركا (١٣٩أ٤) فيه؛ لأنه سقط حكم شهادة الكافرين؛ لأن شرط قبول الشهادة الإنكار من الخصم وقد انعدم وثبت الدين له على العبد بإقراره، وما يثبت بإقرار العبد في حالة الإذن والصحة مساو للدين الثابت بالبينة فلهذا اشتركا.
وكذلك إن كان الذي شهد له الكافران مسلماً، والذي شهد له المسلمان كافراً، لأن كل واحد منهما أقام ما هو حجة على صاحبه، فاستويا فاشتركا.
ولو أقام مسلم مسلمين بألف درهم على العبد، وأقام ذمي مسلمين أيضا بألف درهم، وأقام ذمي ذميين أيضا بألف درهم، فإن القاضي يقضي بدينهم على العبد فيباع العبد وما في يديه، فيعطى المسلم والذمي الذي شهد له المسلمان كل واحد منهما نصف ذلك، وإنما قضى القاضي بدينهم على العبد؛ لأن كل واحد منهما أقام ما هو حجة على العبد، فوجب القضاء بها عليه إذ لا تنافي في الوجوب عليه فلا تقع المزاحمة، وإذا آل الأمر إلى الاستيفاء ووقعت المزاحمة وبيع العبد وما في يده ولم يف ذلك بالديون يقدم دين المسلم والذمي الذي شهد له شاهدان مسلمان، لأن ما أقام الذمي الآخر ليس بحجة في حق المسلم، فلم يظهر دينه في حق المسلم فلا يشاركه، والذمي الذي أقام مسلمين مع المسلم، أقام كل واحد منهما ما هو حجة في حقه، فقسم ثمن العبد وما في يده بينهما، ثم الذي شهد له الكافران يرجع على الذمي الذي شهد له المسلمان، فيأخذ نصف ما في يده، لأن دين المسلم يثبت بما هو حجة في حق هذا الذمي، ودين هذا الذمي ثبت بما ليس بحجة في حق هذا المسلم، فأي شيء يكون من ثمن العبد لا يكون لهذا الذمي حق المشاركة فيه معه، كان ينبغي أن يأخذ جميع ما في يده؛ لأن جميع ما في يده ثمن العبد وحق المسلم في ثمن العبد يقدم على حق الذمي، إلا أنه لا يأخذ جميع ذلك؛ لأنه أخذ كان للذمي الذي شهد له مسلمان أن يأخذ منه نصفه لأنه يساويه في ثمن العبد فلا يفيد أخذ الكل، أما إذا أخذ المسلم نصف ذلك لا يكون للذمي الذي شهد له مسلمان أن يأخذ شيئاً، لأن من حجة المسلم أن يقول: حصتك مما كان في يد هذا الذمي باق في يده ولا سبيل لك عليه.