بثمن مسمى، فأذن له المولى في ذلك فاشترى منه إنه جائز؟ لأن العبد من أهل الشراء لأنه كلام وهو من أهل الكلام الصحيح وإنما امتنع نفاذ تصرفه لضرر يلحق المولى، فإذا رضي له بعد ذلك، فإن جحد أن يكون اشتراه فشهدت عليه بينة من النصارى أنه اشتراه جازت شهادتهم، لأن هذه شهادة على العبد وهو كافر، والضرر الذي يلحق المولى من جهة العبد قد وصى بذلك حين أذن له.
قال: عبد أو صبي مأذون له في التجارة شهد عليه ذميان بغصب أو وديعة أو بضاعة أو مضاربة استهلكها أو جحدها أو شهدا بإقراره بذلك أو شهدا عليه ببيع أو شراء، أو قرض، أو رهن وهو يجحد فإنه لا يخلو، إما أن كان المشهود عليه مسلماً والآذن وهو المولى أو الوصي كافراً، أو كان الآذن مسلماً أو المشهود عليه كافراً فان كان المشهود عليه مسلما لا تقبل شهادتهما، لأن هذه شهادة عليه دون الآذن وهو مسلم، ولا شهادة للكافر على المسلم، وإن كان المشهود عليه كافراً تقبل شهادتهما، لأن هذه شهادة عليه دون الآذن، وإنه كافر فيقبل شهادتهما، ولا يمنع قبول هذه الشهادة لمكان ضرر المولى؛ لأنه قد رضي به حين أذن، ألا ترى أنه جاز إقراره على نفسه بذلك وإن لحق المولى ضرر لما ذكرنا.
ثم إذا قبلت هذه الشهادة فظهر عليه الدين تباع رقبته فيه، لأن الدين إنما يجب في ذمة العبد شاغلاً بالبينة، فإن باع العبد بألف درهم وأوفى الغريم دينه وهو ألف درهم ثم أقام مسلم شاهدين مسلمين أن له على العبد ألف درهم دين قبل أن يباع، فإنه يأخذ الألف من الغريم الذي كان قضاه ويدفعه إلى هذا المسلم، لأن شهادة شهود الغريم المسلم حجة على العبد والغريم الأول وشهادة شهود الغريم الأول ليست بحجة في حق الغريم المسلم لأنهم كفار، فلم يكن له أن يزاحمه فكان المسلم أولى به، ألا ترى أنه لو حضر وأقام شهوده قبل القضاء كان مقدماً عليه فكذلك بعده فصار هذا كالمقضي عليه بالملك المطلق لو أقام بنية على التاج رد عليه لأنه لو أقامها قبل القضاء قضي له، فكذلك بعده كذا هذا.
ولو كان شهود الغريم الأول مسلمين، والغريم الأول كافر ثم أقام مسلم أو كافر كافرين أنه كان له على العبد ألف درهم اشتركا فيه؛ لأن شهادة كل فريق حجة على الفريق الآخر، فاستويا في الاستحقاق فيشتركان في الألف ويكون بينهما نصفين، ألا ترى أن الغريم الثاني لو أقام شهوده قبل القضاء اشتركا فيه؟ فكذلك بعده.
قال: ألا ترى أن كافراً لو هلك فأسلم وارثه فأقام كافر مسلمين أن له على الميت ألف درهم فإن القاضي يقضي بالألف له قضاء من دينه، فإن قضى له بذلك، ثم إن مسلماً أو كافراً أقام كافرين أن له على الميت ألف درهم إن الغريم الثاني يشارك الغريم الأول على قدر دينهما؛ لأن هذه البينة قامت على الميت وإنه كافر فيقبل شهادة أهل الكفر عليه كما تقبل شهادة المسلمين، والغريمان كافران وشهادة أهل الكفر عليهما حجة كشهادة المسلمين، ولم تعتبر الشهادة الثانية قائمة على الابن إذ لو اعتبرت قائمة على الابن لما