للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وابنه هذا مسلم، فالقول قول الابن وله الميراث، وذلك لأن مدعي الكفر لو كان مساوياً للمسلم في الدعوى وسبب الاستحقاق، بأن كان ابناً كان القول قول المسلم بسبب الإسلام، فإذا كان دونه في سبب الاستحقاق أولى أن يكون القول قول المسلم.

ولو أقاما جميعاً على مقالتهما بينة أخذت بينة المسلم؛ لأن المدعي بكفر الميت لو كان مساوياً لمدعي الإسلام في الاستحقاق، بأن كان ابناً كانت بينة المسلم أولى، فإذا لم يكن مساوياً له في الاستحقاق أولى أن تكون البينة بينته.

ولو أقام الأخ بينة من أهل الذمة على ما قال ولم يقم الابن البينة لم أجز بينة الأخ ليست بحجة على الابن، لأنه مسلم ولا شهادة للكافر على المسلم، فصار وجودها وعدمها بمنزلة، فأما إذا أقام الأخ مسلمين على ما ادعى من كفر الميت الآن يقضى بالميراث للأخ؛ لأن سبب الحرمان يثبت في حق الابن وهو كفر الميت؛ لأن الأخ أقام البينة على الكفر ولم يقم الابن بينة إنما له مجرد الدعوى ولا عبرة للدعوى بمقابلة البينة، وكان بمنزلة ما لو أقام الأخ البينة أن الابن قتل الأب والابن يقول: لم أقتل كان الميراث للأخ، بخلاف ما لو أقام البينة ولم يقم لهما بينة، لأن هناك الموجود مجرد الدعوى من الجانبين أو الدعوى مع البينة، ولا مساواة بين الدعوتين، وسبب الاستحقاق وحالة المسلم منهما أولى فحال عدم المساواة أولى أن يكون أولى.

وإذا كانت الدار ميراثاً في يدي ورثة فقالت امرأة الميت وهي مسلمة: زوجي كان على ديني في الأصل ومات وهو مسلم، وقال أولاده وهم كفار: بل مات أبونا وهو كافر وللميت أخ مسلم، فإن القول قول المرأة وذلك لأن المرأة ساوت الأولاد في الدعوى وسبب الاستحقاق، وعند الاستواء في الدعوى وسبب الاستحقاق يترجح قول المسلم منهما بسبب الإسلام، كما (لو) كان للميت ابنان وأحدهما مسلم يدعي إسلامه والآخر كافر يدعي كفره وإنما قلنا: استويا في الدعوى، لأن كل واحد منهما تمسك بما هو ثابت في الأصل من وجه وبما هو حادث من وجه، فاستويا في الدعوى والإنكار، وإنما قلنا: استويا في سبب الاستحقاق؛ لأن الزوجية سبب استحقاق الإرث كالولاد، ألا ترى أن المرأة تستحق الميراث على كل حال لا تحجب بوارث آخر كالولد إلا أن الولد يستحق الأكثر والمرأة الأقل؟ إلا أن العبرة لاستوائهما في أصل الاستحقاق لا في مقدار المستحق، ألا ترى أن المدعي لإسلام الميت لو كانت ابنته مسلمة والمدعي للكفر ابناً كافراً، كان القول قول الابنة لأنها ساوته في الدعوى والإنكار، وفي أصل الاستحقاق إن لم تساوه في قدر الاستحقاق فكذلك هذا، وإذا جعلنا القول قول المرأة يثبت إسلام الميت بقولها، فكان كالثابت بالبينة ولو ثبت بالبينة كان ما بقي بعد فرض المرأة للأخ لا للولد، فكذلك إذا ثبت بقولها.

ولو لم يكن له امرأة وكان له ابن كافر وأخ مسلم، فقال الأخ المسلم: مات على ديني، وقال الابن: لا بل مات كافراً، فإن القول قول الابن ولم يترجح قول الأخ بسبب الإسلام، وقد استويا في الدعوى فإن كل واحد منهما ادعى ما هو ثابت في الأصل من

<<  <  ج: ص:  >  >>