في القتل والقطع والعقل، لأنه إنما قطع وقتل على حسبان أن له ذلك، وقد ظهر خلاف ذلك، وموجب جناية الخطأ المال، إلا أنه يكون في ماله لا على العاقلة لأنه وجب بسبب دعوته وهو غير مصدق في ذلك في حق العاقلة، فصار من هذا الوجه كالثابت بإقراره.
فإن قيل: جناية مالية معاينة لا بإقراره إنما الثابت بقوله بسبب الولد إلا أن إيصال العلوق في ملكه بمنزلة البينة العادلة على صدق مقالته، ولو ثبت نسب هذا الولد بالبينة كان موجب هذه الجناية على عاقلته، كذا هاهنا. قلنا: هذا هكذا فيما كان من الأحكام المختصة بالنسب الذي لا ينفك النسب عنه بحال فأما في حق الأحكام التي ينفك النسب عنه فالدعوة بمنزلة الإقرار ألا ترى أن رجلاً لو كان قطع يد هذا الولد خطأً حتى وجب على الجاني نصف القيمة، ثم ادعاه البائع حتى صحت دعوته لا يجب على الجاني نصف الدية؟ وإن اتصل العلوق بملكه وجعل دعوته في حق الجاني بمنزلة الإقرار لا بمنزلة البينة، لهذا إن وجوب الدية ليس من الأحكام المختصة بالنسب الذي لا ينفك النسب عنه فجعل في هذا دعوة البائع بمنزلة الإقرار لا بمنزلة البينة كذا ههنا، الوجوب على العاقلة ليس من الأحكام المختصة بالنسب الذي لا ينفك عنه فجعل في حق هذا دعوة البائع بمنزلة الإقرار وما يجب بحكم الإقرار لا يجب على العاقلة.
كل بينة لا تكون حجة شرعاً فهي من التهاتر فمن جملة ذلك ما ذكر ابن سماعة عن أبي يوسف: في شاهدين شهدا على رجل بقول، أو بفعل يلزمه بذلك إجازة أو كتابة أو بيع أو قصاص أو مال أو طلاق أو عتاق في موضع وصفاه أو في يوم سمياه، فأقام المشهود عليه بينة أنه لم يكن في ذلك الموضع ولا في ذلك اليوم في الموضع الذي وصفاه، لم يقبل منه البينة على ذلك؛ لأنها بينة في غير موضعها فكانت ساقطة.
بيانه أن الشرع شرع البينات للإثبات لا للنفي؛ لأنه شرعها في جانب المدعي والمدعي يحتاج إلى إثبات الحق فلا يكون حجة في موضع النفي وموضع مسألتنا هذه موضع النفي، فلا تكون البينة حجة فيها فلا يلزم على ما قلنا.
إذا شهدوا أن هذا وارثه لا وارث له غيره حيث تقبل شهادتهم، فهذه شهادة على نفي وارث آخر، لأنا نقول: المقصود من هذا النفي إثبات جميع المال له، فكانت هذه