مع القبض دعوى الملك المطلق صار كأنه ادعى ملكاً مطلقاً وشهد له الشهود كذلك.
وبعضهم قال: لا تقبل الشهادة؛ لأن دعوى الشراء معتبر في نفسه في هذه الصورة، ولم يصر بمنزلة دعوى الملك المطلق، ألا ترى أنه لا يقضى للمدعي في هذه الصورة بالزوائد.
ولو ادعى الملك بالنتاج وشهد له الشهود بالملك بسبب من جهة صاحب اليد أو من جهة غيره، لا تقبل الشهادة، بخلاف ما إذا ادعى الملك مطلقاً وشهد له الشهود بالسبب، حيث تقبل، والفرق أن دعوى النتاج على دعوى اليد لا يحتمل دعوى ملك حادث من جهته، أو من جهة غيره إذ لا يتصور التملك بالنتاج من جهة غيره، ألا ترى أنه لا يصح أن يقول: هذا ملكي بالنتاج من جهة ذي اليد أو من جهة فلان، ولما كان هكذا، فإذا شهد له الشهود بالملك بسبب من جهة ذي اليد أو من غيره فقد شهدوا بما لم يدخل تحت دعوى المدعي فلا تقبل شهادتهم، فأما دعوى الملك المطلق على ذي اليد فيحتمل دعوى ملك حادث من جهة ذي اليد أو من غيره، ألا ترى أنه لو قال هذا الشيء لي بالشراء من فلان أو من ذي اليد كان صحيحاً، ولهذا ترجح بينة الخارج على بينة ذي اليد، ولما كان هكذا، فإذا شهد له الشهود بالملك بسبب من جهة ذي اليد فقد شهدوا بما صلح داخلاً تحت دعوى الملك، فلا تثبت المخالفة بين الدعوى والشهادة.
وسئل شيخ الإسلام أبو الحسن السغدي رحمه الله: عمن ادعى عيناً في يدي إنسان ملكاً مطلقاً، وشهد له الشهود أنه ملكه بسبب أنه ورثه من أبيه، قال: لا تقبل الشهادة، فقيل له: إن محمداً رحمه الله ذكر في «الأصل» وفي «الجامع» أن من ادعى ملكاً مطلقاً وشهد الشهود له بالسبب أن الشهادة مقبولة، قال: هذا هكذا في موضع صحت الشهادة على السبب، والشهادة على السبب ههنا لم تصح، لأنهم شهدوا بالميراث ولم يجروا الميراث، ولكن هذا ليس بصواب، فإن قولهم: ورثه من أبيه، كاف لإثبات الملك بسبب الميراث كقولهم: اشتراه من فلان، وهو معنى جر الميراث، فكانت الشهادة على السبب صحيحة فيجب قبولها.
ولو ادعى ديناً بسبب نحو القرض أو ما أشبهه، وشهد له الشهود بالدين المطلق، كان القاضي الإمام شمس الإسلام محمود الأوزجندي يقول: لا تقبل شهادته، كما في العين إذا ادعى الملك فيه بسبب، وشهد الشهود له بالملك مطلقاً، وفي كتاب «الأقضية» مسألتان تدلان على القبول.
وإذا ادعى على امرأة أنها منكوحة ولم يدع الزوج، فشهد له الشهود على أنه تزوجها، أو ادعى على امرأة أنه تزوجها، وشهد له الشهود أنها منكوحة قبلت الشهادة، لأن النكاح سبب متعين لصيرورة المرأة منكوحة، فكان ذكره وترك ذكره سواء.
وإذا ادعى عيناً في يدي رجل أنه ملكه، وأن صاحب اليد قبضه مني بغير حق منذ شهر، وشهد له الشهود بالقبض مطلقاً لا تقبل الشهادة، واختلفت عبارة المشايخ في ذلك، قال بعضهم: لأن شهادتهم على القبض مطلقاً من غير ذكر تاريخ محمولة على