للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحال، فالمدعي ادعى الفعل في زمان ماض، والشهود شهدوا على الفعل في الحال، والفعل في الزمان الماضي غير الفعل في الحال، فهو نظير ما لو ادعى على غيره الفعل منذ شهر، وشهد الشهود له بالفعل في الحال، وقال بعضهم: المطلق أكبر وأقوى من المؤرخ، والشهود شهدوا بأكثر مما ادعاه المدعي.

وكذلك إذا ادعى المدعي القبض مطلقاً وشهد له الشهود بالقبض منذ سنة، لأنه ادعى الفعل في الحال والشهود شهدوا له بالفعل في الماضي، فلا تقبل شهادتهم، إلا إذا وفق المدعي وقال: أردت بالمطلق القبض من ذلك الوقت الذي شهد به الشهود فحينئذ تقبل، وقيل: تقبل الشهادة في هذا الوجه من غير توفيق المدعي؛ لأن المطلق أكبر وأقوى من المؤرخ فقد شهد الشهود بأقل مما ادعاه المدعي فيقبل.

وإذا ادعى عيناً في يدي رجل وقال: هي لي منذ سنة، وشهد الشهود أنها له منذ عشر سنين، لا تقبل شهادتهم، ولو قال: هي لي منذ عشر سنين وشهد الشهود أنها له منذ سنة تقبل شهادتهم، لأن في الوجه الأول الشهود شهدوا بأكثر مما ادعاه المدعي، وفي الوجه الثاني شهدوا بأقل مما ادعاه المدعي.

وإذا ادعى الملك بسبب الشراء منذ سنة وشهد الشهود له بالشراء من غير تاريخ، فقد قيل: لا تقبل لأن المطلق أقوى من المؤرخ، وقد قيل: تقبل لأن الشراء حادث فإذا لم يذكر الشهود له تاريخاً يحمل على الشراء للحال، فقد شهد الشهود بأقل مما ادعاه المدعي.

ولو كان المدعي ادعى الملك بسبب الشراء مطلقاً، ولم يذكر التاريخ في الشراء، والشهود شهدوا بتاريخ سنة أو ما أشبه ذل، فقد قيل: لا تقبل؛ لأن دعوى المدعي محمول على الحال إذا لم يذكر للشراء تاريخاً، وإذا حمل على الحال ظهر أن الشهود شهدوا بأكثر مما ادعاه المدعي وقيل: تقبل لأن المطلق أقوى من المؤرخ، فقد شهدوا بأقل مما ادعاه المدعي فتقبل.

وفي «الجامع الكبير» قال محمد رحمه الله: رجل في يديه عبد ذكر أنه عبده ورثه من أبيه، فادعى رجل آخر أنه عبده، وجاء بشاهدين شهدا على إقرار صاحب اليد أنه عبد المدعي، قبلت الشهادة وقضي بالعبد للمدعي، اعتباراً للإقرار الثابت بالبينة بالثابت عياناً.

وإذا ادعى على رجل خمسمئة وشهد له الشهود بألف درهم، لا تقبل شهادتهم؛ لأنه صار مكذباً شهوده فيما زاد على الخمسمئة إلا أن يوفق فقال: كان له عليه ألف درهم كما شهد به الشهود إلا أنه قضى خمسمئة، أو قال: أبرأته عن خمسمئة ولم يعلم الشهود بذلك، فإذا وفق على هذا الوجه تقبل الشهادة ويقضي له بالخمسمئة لزوال التكذيب، ولا يحتاج إلى إقامة البينة على التوفيق؛ لأن التوفيق بدعوى الإبراء أو القضاء وكل ذلك يثبت بإقرار المدعي؛ لأنه إقرار على نفسه، فلا يحتاج إلى إقامة البينة عليه.

وإذا ادعى الغريم على صاحب المال أنه أبرأه أو حلله، وجاء شهود شهدوا على

<<  <  ج: ص:  >  >>