لهما لتعذر وجود قتل واحد بكلا الآلتين، وإذا ادعى بإحدى الآلتين فقد كذب شاهده الآخر، وههنا أمكنه تصديق الشاهدين مع دعواه القتل بإحدى الآلتين وبآلة أخرى والقتل بكل واحدة من هاتين الآلتين يوجب القصاص، فيكون مقراً على نفسه بوجوب القصاص فلهذا افترقا.
قال محمد رحمه الله في «الجامع الكبير» : رجل في يديه عبد ذكر أنه عبده ورثه من أبيه فادعى رجل آخر أنه عبده، وأقام البينة على إقرار صاحب العبد: أنه للمدعي قبلت بينته، وقضي بالعبد للمدعي اعتباراً للإقرار الثابت بالبينة الثابتة عياناً، وقد مرت هذه المسألة من قبل، وكذلك إذا شهدا على إقراره أنه اشتراه من المدعي بألف درهم، وقال المدعي: قد أقر بما قال ولكنه لم يشتره مني، قبلت الشهادة وقضي بالعبد للمدعي؛ لأن إقراره بالشراء من المدعي إقرار بالملك للمدعي، وقد مرت هذه المسألة أيضاً، وإنما أوردناها ههنا لزيادة تفريع، وكذلك لو أقام شاهداً أن الذي في يديه العبد أقر أن العبد عبد المدعي، وأقام شاهداً آخر أن الذي في يديه العبد أقر أنه اشترى العبد من المدعي بألف درهم، وقال المدعي صاحب اليد: أُقِرُّ بما قال الشاهدان إلا أني لم أبع منه شيئاً، تقبل هذه الشهادة ويقضي بالعبد للمدعي، لأن الشاهدين اتفقا فيما هو المقصود من هذه الشهادة لأن المقصود من هذه الشهادة إقرار ذي اليد بأن العبد للمدعي دون إثبات الشراء بدليل أنهما لو شهدا على الشراء في هذه الصورة فالقاضي لا يقضي بالشراء؛ إذ لو قضى بالشراء حصل القضاء لذي اليد، وهما إنما شهدا عليه لا له فعلم أن المقصود من هذه الشهادة إقرار ذي اليد بأن العبد للمدعي دون إثبات الشراء وهما اتفقا في هذا المقصود أما الأول: فلا شك وأما الثاني: فلأنه شهد على إقراره بالشراء من المدعي والإقرار بالشراء من المدعي إقرار بالملك للمدعي، وهذا الجواب مستقيم على رواية «الجامع» : أن الشراء والاستيام إقرار بالملك للبائع، أما على رواية «الزيادات» : فليس بإقرار بالملك للبائع فيحمل أن تكون المسألة على روايتين، فإن لم تكن المسألة على روايتين فوجهه على رواية «الزيادات» : أن الشراء إقرار من المشتري أنه لا ملك له في المحل، فخرج من البين، فيأخذه المدعي لأنه يدعيه ولا مزاحمة له فيه، ثم شرط
القبول هذه الشهادة أن يقول المدعي: إن ذا اليد أقر بأمرين جميعاً إلا أني لم أبعه منه، حتى لو قال المدعي: إن صاحب اليد أقر بأحد هذين الأمرين دون الآخر لا تقبل هذه الشهادة؛ لأنه يصير مكذباً أحد شاهديه، وكذلك إذا شهد أحد الشاهدين أن الذي في يديه العبد أقر أن المدعي وهب العبد له، وشهد الآخر أن ذا اليد أقر أن المدعي تصدق به عليه، وقال المدعي صاحب اليد: أقر بالأمرين إلا أني ما وهبته وما تصدقت به عليه، فإنه يقضي بالعبد للمدعي؛ لأن كل مستوهب ومتصدق عليه مقر بالملك للواهب والمتصدق.
وكذلك لو شهد أحد الشاهدين أن الذي في يديه العبد أقر أنه اشتراه من المدعي بألف درهم، وشهد الآخر أنه اشتراه بمئة دينار، أو شهد أحدهما على إقرار ذي اليد أنه قد استأجره من المدعي بعشرة دراهم، وشهد الآخر أنه أقر ذو اليد أنه اشتراه منه بألف