الملك بسبب، وفي تصديق أحدهما تكذيب الآخر فبطلت شهادتهما، أما ههنا لم يختلفا في سبب الملك لأن السبب هو الوصاية، وقد اتفقا على الوصاية، لكن تفرد أحدهما بزيادة لفظة الصدقة، وتفرد أحدهما بزيادة لفظ لا يمنع قبول الشهادة فيما اتفقا عليه.
وفي «نوادر إبراهيم» : عن محمد رحمهما الله: رجل شهد على رجل أنه أعتق أمته هذه وتزوجها، وشهد آخر أنه أقر أنه اعتق أمته وتزوجها قال: تعتق الأمة ولا يثبت النكاح، وهذا بناء على أن الإعتاق قول لا تختلف فيه صيغة الإنشاء والإقرار، وفي مثل هذا اختلاف الشاهدين في الإقرار والإنشاء لا يضر، والنكاح وإن كان قولاً إلا أنه ألحق بالأفعال من حيث إنه يتضمن فعلاً فاختلاف الشاهدين في الإقرار والإنشاء والأفعال صائر، فلهذا قال: يثبت العتق ولا يثبت النكاح.
وفي «المنتقى» : إذا شهد رجل لرجل أن زيداً أقر أنه اشترى هذه الدار له بأمره، وشهد آخر أن زيداً أقر أن هذه الدار له، فهذه الشهادة جائزة عندنا وقد ذكرنا قبل هذا رواية ابن سماعة عن محمد رحمهما الله فيما إذا شهد أحد الشاهدين أن الدار المدعى (بها) لهذا المدعي، وشهد الآخر على إقرار المدعى عليه أن الدار المدعى بها لهذا المدعي، إن الشهادة لا تقبل.
وقال أبو يوسف رحمه الله: في رجل ادعى على رجل ألف درهم فشهد شاهدان أن المطلوب أقر أن له عليه ألف درهم قرضاً وشهد آخر أن المطلوب أقر أن له عليه ألف درهم من ثمن متاع اشتراه وقبضه، وقال الطالب: إنما مالي عليه قرض ولم يشهد لي إلا بالقرض، فقد أكذب الشاهد الذي شهد له أنها من ثمن متاع، ولو قال: قد أشهد على هاتين الشهادتين المختلفتين، لكن أصل مالي كان قرضاً، قضى له عليه ألف درهم، ولو قال: مالي من ثمن متاع بعته وقبضه مني، وقد أشهد هذين على ما شهدا به، لا يقضى له بشيء حتى يأتي بشاهد آخر يشهد له على مثل شهادة الذي يشهد له من ثمن المتاع إذا أقر الطالب أن ماله من ثمن متاع، فلابد من شاهدين على قبضه.
ولو شهد شاهد أن المطلوب أقر أن له عليه ألف درهم قرضا وشهد آخر أن المطلوب أقر أن له عليه ألف درهم من ضمان ضمن له عن فلان بأمره، فان قال الطالب: اشهد لي بهاتين الشهادتين على ما وصفنا وأن مالي عليه قرض، فإنه يقضي له بالمال، وإن قال: مالي من ضمان كما شهد به الآخر، لا يقضى عليه بشيء والضمان في هذا والبيع سواء، وأما في قياس قول أبي حنيفة: المال اللازم في الوجهين جميعاً.
ولو شهد شاهد أن المطلوب أقر أن له عليه ألف درهم من ثمن جارية اشتريتها منه وقبضتها، وشهد آخر أن المطلوب أقر أن له عليه ألف درهم من ثمن بر اشتريته وقبضته، وقال الطالب: هذا شهد على هاتين الشهادتين لكن مالي عليه قرض فالقاضي يقضي بالمال، ولو ادعى أحد هذين الوجهين فالقاضي لا يقضي بشيء، وكذلك لو شهدا بالمال من ضمان مختلف فهو مثل البيع المختلف.
ولو ادعى المطلوب الدفع والبراءة وشهد له شاهد أن الطالب أقر أنه قبضها منه،