للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظاهراً، فلا يجب الضمان بالشك، ومتى لم يجب الضمان لم يكن هو بهذه الشهادة دافعاً عن نفسه مغرماً.

والجواب عن هذا الطعن: أنه إذا وقع الشك في كونه دافعاً عن نفسه مغرماً وقع الشك في قبول شهادته، فلا تقبل شهادته بالشك والاحتمال.

وجواب آخر وهو الصحيح: لا بل عمرو بشهادته دافع عن نفسه مغرماً متى لم يكن رده ظاهراً، لأنه ربما يجيء مستحق آخر لهذه الدابة ويقيم البينة أن الدابة ملكه مطلقاً، وتكون للمستحق، يضمن عمرو إذا لم يكن الرد على زيد ظاهراً، لأنه أقر أنها كانت في يده وديعة، وبالاستحقاق تبين أنه كان مودع الغاصب، ومودع الغاصب يضمن إذا هلكت الوديعة، ولم يكن الرد ظاهراً، فهو بهذه الشهادة للمدعي رفع هذا الضمان عن نفسه؛ لأنا متى قبلنا هذه الشهادة وقضينا بالدابة للمدعي، لا يكون للمستحق تضمين المودع، لأن الدابة وصلت إلى وارث الغاصب، ووصولها إلى وارث الغاصب بمنزلة وصولها إلى الغاصب، ولو وصلت إلى الغاصب يبرأ المودع عن الضمان فكذا ههنا، فكان دافعاً مغرماً من هذا الوجه.

وفي «فتاوى الفضلي» : رجل ادعى داراً أنه ورثها من أبيه، وادعى آخر أنه اشتراها من أبيه ذلك، وشهد شهود المدعي للشراء بمجرد البيع فقالوا: باعها منه الميت، ولم يقولوا: وهو يملكها، والدار في يد مدعي الميراث أو مدعي الشراء، فالشهادة مقبولة، ويقضى بالدار لمدعي الشراء، وإن لم يشهدوا بالملك للميت ولا بالتسليم، إنما يحتاج شهادتهم في البيع إلى ذكر الملك والتسليم مع البيع إذا كان المشهود عليه لا يدعي ملك المدعي من جهة من يدعي المشهود له الشراء منه حياً كان أو ميتاً، بل يدعي المدعي لنفسه لا من جهة ذلك، أما إذا كان المشهود عليه يدعي ملك المدعي من جهة من ادعى المشهود له الشراء منه لا يحتاج إلى ذكر الملك أو التسليم مع ذكر البيع، لأن المشهود عليه لما ادعى المدعي من جهة من يدعي المشهود له الشراء منه، فقد ثبت كون المدعى ملكاً لذلك باعترافه فاستغنى الشهود عن ذكر ملكه حينئذٍ قال في الكتاب: لأن شهادتهم على بيع الميت منه ليست بأقل من شهادتهم (١٥٥ب٤) على إقرار الميت أن الدار لمدعي الشراء.

ولو شهدوا بهذا ومدعي الميراث يدعي أنها ميراث له عن الميت، لم يلتفت إلى دعواه، وقضى بالدار للمقر له، فكذا إذا شهدوا له بالشراء من غير ذكر ملك ولا تسليم، بخلاف ما إذا ادعى المشهود عليه ملك الدار لنفسه، لا من جهة أحد بعينه، حيث لا تقبل شهادتهم بمجرد البيع، لأن هنا لو شهد الشهود أن الذي ادعى المشهود له الشراء منه أقر أن الدار لمدعي الشراء، لم تقبل هذه الشهادة على المشهود عليه؛ لأنه يزعم الملك للمقر فالحاصل أنه اعتبر شهادتهم بمجرد البيع على الشهادة بالإقرار ففي كل موضع تقبل الشهادة على إقرار من يدعي المشهود له الشراء منه، لا تقبل الشهادة بمجرد البيع، والمسألة في شهادات «الأصل» وذكر ملك البائع وقت البيع ينظر في شهادات «الفتاوى الصغرى» .

<<  <  ج: ص:  >  >>