للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة دون المسألة الأولى؛ لأن في المسألة الأولى قول أبي يوسف كقول محمد، وأما عند محمد: فتقبل الشهادة ههنا قياساً على المسألتين عنده، لكن عند محمد يقع الفرق بين مسألة «الكتاب» (١٥٦ب٤) وبين مسألة إقرار المريض من وجه أن في مسألة الكتاب يشترط إنكار الشاهد الشركة مع إنكار المدعي الشركة، وهناك إنكار الأجنبي الشركة كاف عنده، والفرق: أن ههنا الشاهد لو ادعى الشركة فقد أقر للشاهد ببطلان شهادته، والشاهد متى أقر ببطلان شهادته تبطل الشهادة.

وإذا أنكر الشاهد الشركة وادعى المدعي الشركة فقد أقر المدعي ببطلان الشهادة وأقر المدعي ببطلان الشهادة فشرط إنكارهما الشركة لقبول الشهادة لهذا، أما في مسألة الإقرار: إذا كان الوارث مقراً بالشركة، وأنكر الأجنبي الشركة فالوارث وإن جعل مقراً ببطلان إقرار المريض لكن بهذا لا يبطل إقرار المريض للأجنبي، إذ ليس للوارث هذه الولاية فاكتفى بإنكار الأجنبي الشركة ثمة لهذا.

رجل ادعى على رجل مئة درهم أو مئة منّ من الحنطة أو ما أشبه ذلك، فقال المدعى عليه: قد قضيته، أو قال: قد أوصلته إليه، أو قال بالفارسية: كزارده أم رسانيده أم انجه دعوى ميكندباو، وجاء بشهود شهدوا أنه دفع إليه مئة درهم أعطاه مئة منّ من الحنطة ولكن لم يقل الشهود: أعطاه هذه المئة التي ادعاها المدعي قبل شهادتهم، لأنه أدى مثل ما وجب عليه وهذا هو الواجب في قضاء الدين، والبراءة متعلقة به على ما عرف، ولأنه بهذه الشهادة ثبت دفع المئة من الدافع إلى المدفوع إليه، والقول قول الدافع في بيان جهة الدفع، وفي «فتاوى النسفي» : أن هذه الشهادة لا تقبل ما لم يشهد الشهود أنه أعطاه المئة التي ادعاها هذا المدعي.

وفي «فتاوى الفضلي» : سئل عمن مات فشهد شاهدان أن هذه المرأة كانت امرأته يوم مات، وشهد آخران أنه كان طلقها قبل الموت، قال: بينة النكاح أولى، ويجعل كأنه طلق ثم تزوج، وقال القاضي الإمام ركن الإسلام علي السغدي رحمه الله: بينة الطلاق أولى، لأنهم أثبتوا زيادة أمر مع الإقرار بالنكاح، وهو الطلاق.

شهد لرجل أنه وارث فلان لا وارث له غيره، أو لا أعلم له وارثاً غيره، ثم شهد لرجل آخر بعد ذلك أنه لا وارث له غيره لا يعلم له وارثاً غيره قبلت الشهادة، لأن قول الشاهد: لا وارث له غيره لا يعلم له وارثاً غيره، ليس من صلب الشهادة بل هو أمر زائد على ما عرف، فصار وجوده والعدم بمنزلة، ولأن التوفيق ممكن لأنه يمكنه أن يقول: لا أعلم له وارثاً أخر حال ما شهدت ثم علمت، ولأن أكثر ما فيه أن في ضمن كلامه أن لا شهادة لي بوراثة شخص آخر.

ومن قال: لا شهادة لي في حادثة ثم شهد فيها تقبل شهادته؛ كذا ههنا.

وإذا شهد شاهدان على إقرار رجل بشراء محدود لا تقبل شهادتهما إذا لم يكن في شهادتهما. إقرار على نفسه لأن الإقرار كما يكون على نفسه يكون على غيره، وما على غيره لا يكون حجة، وما على نفسه يكون حجة، فلابد من بيانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>