للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشتري ببينته أنه ارتهنها في شوال بخمسائة أثبت لنفسه على البائع خمسمئة درهم ديناً، وللبائع على المشتري ألف درهم فقدر خمسمئة يلتقيان قصاصاً، ويجب على المشتري رد خمسمئة أخرى على البائع وعند محمد يفسخ البيع بالرهن، كما لو كان مكانه (١٥٨أ٤) بيعاً، ومن مشايخنا من قال: البيع لا ينفسخ بالرهن عند محمد، كما هو قولهما إلا أن محمداً لا يقضي بالبيع مع ذلك؛ لأن المشتري ببينته أثبت إقرار البائع أنه رهن من المشتري في شوال، فلا تصح دعواه أنه باعه منه في رمضان.

وأبو حنيفة وأبو يوسف قالا: هذا الكلام في حد التعارض؛ لأن المشتري ببينته كما أثبت إقرار البائع أنه رهن من المشتري أنه اشترى منه في رمضان، فلا تصح دعواه أنه ارتهن منه في شوال، وعلم أن هذا الكلام في حد التعارض بقي ما قالا إن الرهن دون البيع، فلا ينفسخ به البيع.

وإذا كانت الدار في يدي رجل شراءً فاسداً ادعاها آخر، فإن المشتري ينتصب خصماً للمدعي.

لأن الشراء الفاسد يفيد الملك للمشتري بعد القبض، والمالك ينتصب خصماً للمدعي، وإذا كانت الدار بين شريكين شركة ميراث، أو غير ذلك غاب أحدهما جاء رجل وادعى على الحاضر أنه اشترى من الغائب نصيبه فإنه لا تقبل بينته؛ لأنه يقيم بينة على الغائب وليس عنه خصم حاضر أما إذا كانت الشركة لا بجهة الإرث فظاهر، وأما إذا كانت الشركة بجهة الإرث؛ لأن أحد الورثة لا ينتصب خصماً عن باقي الورثة فيما يدعى على باقي الورثة؛ وإنما ينتصب خصماً عن الميت فيما يدعى على الميت، وهنا دعوى الشراء يوجه على الغائب لا على الميت، فلم ينتصب الحاضر خصماً عن الغائب، فهذه بينة قامت لا على خصم فلا تقبل.

بخلاف ما لو كانت ميراثاً بينهم وادعى المدعي أنه اشترى نصفها، أو كلها من الميت الذي ورثوها عنه حيث يقضى بذلك على الحاضر والغائب، لأن أحد الورثة ينتصب خصماً عن الميت وعن باقي الورثة فيما يدعى على الميت، والدعوى ههنا وقعت على الميت، فإن المدعي ادعى الشراء على الميت، فانتصب الحاضر خصماً عن الغائب، كما لو ادعى رجل ديناً على الميت، وبعض الورثة حضور والبعض غيّب، فإنه ينتصب الحاضر خصماً عن الغائب كذا ههنا.

قال محمد رحمه الله في «الأصل» : ثوب في يدي رجل ادعاه رجل، فشهد شاهدان للمدعي على صاحب اليد أنه أقر أن هذا الثوب لهذا المدعي، وشهد آخران على المدعي أنه أقر أن هذا الثوب لصاحب اليد تهاترت البينتان، ويترك الثوب في يد صاحب اليد، لأنه لما جهل التاريخ بين الإقرارين جعل كأنهما وقعا معاً، فيبطل الإقراران ويترك الثوب في يد صاحب اليد، كما كان.

دار في يدي رجلين، أقام كل واحد منهما بينة على أن صاحبه أقر له بها ووقتا، وتاريخ أحدهما أسبق فإنه يقضى بالدار لصاحب الوقت الآخر.

فرق بين هذا وبينما إذا لم يوقتا فإن هناك تتهاتر البينتان؛ لأنهما إذا لم يوقتا يجعل

<<  <  ج: ص:  >  >>